تشهد العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تدهورًا متزايدًا، رغم بدايتها الودية حين اختاره ترامب بنفسه لرئاسة البنك المركزي واصفًا إياه آنذاك بـ"الرجل الحكيم الذي سيتولى إدارة الاقتصاد بحنكة".
لكن التوتر بين الطرفين تصاعد بفعل رفض باول الاستجابة لطلبات ترامب المتكررة بخفض أسعار الفائدة، ما دفع بالرئيس الأميركي هذا الأسبوع إلى طرح فكرة إقالته، قبل أن يعود ويقلّل من احتمال تنفيذ ذلك.
وقال ترامب في تصريح مقتضب للصحفيين الأربعاء: "لا أستبعد أي شيء، لكن من المستبعد جداً أن أقيله، إلا إذا اضطر إلى المغادرة بتهمة الاحتيال"، وذلك في أعقاب تقارير تحدثت عن استيضاحه لمشرعين جمهوريين بشأن قانونية الإقالة.
تلك التصريحات، خلفت تأثيراً في الأسواق، فتراجع الدولار بسرعة، وارتفعت عوائد سندات الخزانة، وهبطت الأسهم إلى أدنى مستوى لها في أسبوعين، مما دفع ترامب إلى التراجع سريعاً عن تعليقاته.
وفي عهد ترامب الثاني، تحوّلت الديناميكية بشكل جذريّ ففي هذه المرة، أحاط الرئيس نفسه بشكل شبه كامل بموالين له أكثر استعداداً لتنفيذ أجندته بكثيرٍ من بعض المسؤولين الذين قاوموه خلال ولايته الأولى وفي مقدمتهم باول الذي تحول لحالة شاذة.
ويقول الخبراء، إن "استقلال باول ومقاومة الاحتياطي الفيدراليّ المؤسسيّة للضغوط السياسيّة جعلته، في الواقع، آخر عقبة رئيسية أمام خطط ترامب الطموحة لسنواته الأربع المُقبلة"، وفق ما ذكرته مجلة "نيوزويك".
وقال ترامب للصحفيين: "أنا مهتم فقط بمن يُقدّمون أسعار فائدة منخفضة. إنها ليست مهمة صعبة، بصراحة، بافتراض أنك ذكي. قد تكون من أسهل الوظائف التي رأيتها في حياتي".
كيف يمكن أن تتفاعل الأسواق؟
وتحدث خبراء اقتصاديون وسياسيون عن المخاطر والتداعيات المحتملة لإقالة باول، وقال تود بيلت مدير برنامج الإدارة السياسية بجامعة
جورج واشنطن لمجلة "نيوزويك"، "ترى الإدارة باول نقطة ضعف، والمشكلة هي اقتراب انتخابات التجديد النصفي". وأضاف بيلت: "يكمن الخطر الحقيقي هنا في أن الإدارة تُسيّس شيئاً لا ينبغي أن يكون سياسياً أبداً".
وعن تأثير الإقالة على الأسواق، قال بيلت: "أحد الأشياء التي تُحبها
الأسواق المالية هو الاتساق". وأضاف، "إذا أجبر ترامب على إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، هذا يُدخل المزيد من الفوضى وعدم القدرة على التنبؤ في الاقتصاد".
من جهته، قال لورانس وايت، أستاذ الاقتصاد في كلية ستيرن لإدارة الأعمال بجامعة
نيويورك، إن "إقالة باول بالقوة في منتصف ولايته ستتجاوز حدوداً لم نشهدها منذ إدارة
كارتر، وستخلف فوضى كبيرة وستقوض الثقة في الاحتياطي الفيدرالي". (24)