نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيليَّة تقريراً جديداً تحدثت فيه عن الرئيس السوري أحمد الشرع، مشيرة إلى أن الأخير يسعى إلى المُصالحة مع إسرائيل.
ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" إن الشرع يُشكل تهديداً مُحتملاً لأمن إسرائيل، وفي الوقت نفسه، يُحتمل أن يكون إضافةً مُرحباً بها إلى القادة المُستعدين لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأضاف: "يشكل الدروز الجزء الأكبر من محافظة السويداء، إحدى محافظات
سوريا الـ14، والتي تقع في أقصى جنوب البلاد وتحدها مرتفعات الجولان".
واستكمل: "أي زعزعة للاستقرار داخل السويداء تمثل تهديداً قائماً عند الحدود بين سوريا وإسرائيل، خاصةً إذا استغلت الجماعات المسلحة التي لا تزال نشطة داخل سوريا الفوضى. أي فراغ أمني في السويداء قد يسمح للميليشيات المدعومة من
إيران أو الفصائل الجهادية بترسيخ موطئ قدم لها قرب الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل".
وتطرّق التقرير إلى الأحداث الأمنية التي شهدتها السويداء خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن جماعات تابعة للنظام الجديد في دمشق هاجمت الطائفة الدرزية، وأضاف: "
في إسرائيل، نظّمت الأقلية الدرزية تظاهرات، مطالبةً الحكومة بحماية أبناء دينهم على الفور عبر الحدود. عندها، قامت إسرائيل بتنفيذ غارات جوية استهدفت دبابات سورية متجهة جنوباً من دمشق، بالإضافة إلى مركبات أخرى للجيش السوري ومطاراً في جنوب غرب سوريا. وفي 15 تموز، أثناء الهجمات، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس بيانًا مشتركاً قيل فيه إن إسرائيل تلتزمُ بمنع إلحاق الأذى بالدروز في سوريا، وذلك بسبب العهد العميق بالدم مع مواطنينا الدروز في إسرائيل وارتباطهم التاريخي والعائلي بالدروز في سوريا".
وتابع: "في اليوم نفسه، نجح
وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في تأمين اتفاق بين الأطراف المتقاتلة - الجيش السوري، والفصائل المسلحة الدرزية، والقبائل البدوية - وتم إعلان وقف إطلاق النار. ولكن لسوء الحظ، سرعان ما انهار الاتفاق، وواصلت إسرائيل حملتها باستهداف الهياكل الرئيسية للحكومة
السورية في دمشق، بما في ذلك مقر
وزارة الدفاع والمناطق المحيطة بالقصر الرئاسي. وإثر ذلك، تواصلت جهود التوصل إلى وقف إطلاق نار في السويداء، وبدعم من وساطة أميركية، تم التوصل إلى اتفاق بين الجيش السوري والفصائل الدرزية. وبموجب الاتفاق، بدأت القوات الحكومية بالانسحاب، تاركة الأمن في أيدي وجهاء الدروز والفصائل المحلية، في إطار وقف شامل وفوري للعمليات العسكرية".
واستكمل التقرير: "في غضون ذلك، ألقى الشرع في 16 تموز خطاباً متلفزاً إلى الأمة، وكان ما قاله مُتوافقاً تماماً مع ما كان يؤكده من نوايا منذ تعيينه رئيساً مؤقتاً لسوريا في 29 كانون الثاني 2025. كان أول قرار رئيسي اتخذه تعليق العمل بدستور عهد الرئيس السوري السابق بشار
الأسد. وخلال الأشهر الستة التي قضاها رئيساً مؤقتاً، قام بما لا يقل عن ثماني زيارات رسمية إلى الخارج، ووقع اتفاقيات لدمج قوات سوريا الديمقراطية في الدولة، وأشرف على صياغة دستور مؤقت لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات. وفعلياً، تلتزم هذه الوثيقة النوايا بحكم الأمة بالوحدة والشمول، وتتعهد صراحة بالحفاظ على حرية الرأي والتعبير، وتنشئ لجنة شعبية تعمل كبرلمان مؤقت".
وذكر التقرير أن ما يبدو هو أن "الشرع بذل قصارى جهده للنأي بنفسه عن جذوره القاعدية، ولإظهار صورة معتدلة وواقعية، وفي تصريحاته العلنية، أكد عزمه على حماية الأقليات وتحويل سوريا إلى دولة تعددية"، وأضاف: "في كلمته، أكد الشرع على سيادة الوطن، لكنه أشاد بالوساطة الخارجية. وتماشياً مع هدفه المعلن المتمثل في الوحدة الوطنية وحماية الأقليات، قال إننا حريصون على محاسبة من اعتدى على شعبنا الدرزي وأساء إليه، فهم تحت حماية الدولة ومسؤوليتها".
وقبل التصاعد الأخير في أعمال العنف، كان العديد من المناقشات يشير إلى إمكانية المصالحة بين إسرائيل وسوريا . وعلى سبيل المثال، في 18 نيسان، عقد عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز (جمهوري من فلوريدا) اجتماعاً لمدة 90 دقيقة مع الشرع في دمشق، حيث أفاد ميلز أن الشرع أعرب خلال الاجتماع عن انفتاحه على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن سوريا قد تفكر في الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم في ظل الظروف المناسبة.
وبعد ذلك، خلال زيارة الشرع للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السابع من أيار، أكد الزعيمان أن سوريا أجرت محادثات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء. وقد تأكدت هذه المؤشرات الإيجابية يوم 19 تموز عندما تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء بعد عدة أيام من المفاوضات، والذي توسطت فيه
الولايات المتحدة إلى حد كبير، حيث تعهدت كل من سوريا وإسرائيل بوقف العمليات الهجومية.
وتضمنت الاتفاقية بنوداً تسمح بإعادة انتشار محدود لقوات الأمن السورية في السويداء، على أن تحتفظ الفصائل الدرزية ببعض الأدوار الأمنية الداخلية. بعد الهدنة، سمحت إسرائيل لقوات الحكومة السورية بدخول السويداء بتفويض محدود، بهدف استقرار الوضع وحماية مؤسسات الدولة.
وهنا، يقول التقرير: "لا شك أن نبرة تصريحات الشرع منذ بداية حكمه تبدو مؤيدة للمصالحة مع إسرائيل، فهي تشير إلى انفتاح محتمل على مبادئ التطبيع والتعاون الإقليميين المنصوص عليها في اتفاقيات إبراهيم. مع هذا، تُعد الهدنة
الإسرائيلية السورية الحالية مؤشرًا آخر يبعث على الأمل".
وختم: "إذا نجح الشرع في نهاية المطاف في تحقيق الدولة الشاملة والموحدة والمحكمة جيداً التي وعد بها، فسوف يدحض مزاعم أولئك الذين ينظرون إليه حالياً بعين الريبة ويعتقدون أنه لن يتمكن أبداً من التخلص من ماضيه في تنظيم
القاعدة".