ذكرت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أنه "في يوم من الأيام، كان فولوديمير زيلينسكي منقذ أوكرانيا. ففي الساعات الأولى من الغزو الروسي، وبينما كان مظليو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتقدمون نحو وسط كييف بأوامر محددة بقتله، رفض زيلينسكي الإخلاء. عوضاً عن ذلك، حشد شعبه لمقاومة بطولية فاجأت العالم. وبفضل ضغط زيلينسكي الدؤوب واستعراضه المُلهِم، تم إقناع الدول الغربية بإرسال الصواريخ والمدفعية والدبابات، بدلاً من أن تُقدّم الخوذات والضمادات".
وبحسب الصحيفة، "لكن هذه الفترة مضت، وزيلينسكي لم يعد جزءًا من الحل في أوكرانيا، بل أصبح جزءًا من المشكلة. على مدار العام الماضي، استخدم زيلينسكي صلاحيات الطوارئ العسكرية لنفي العديد من أبرز المعارضين السياسيين والمنتقدين والتحقيق معهم وسجنهم. كما وأُغلقت وسائل إعلام معارضة، واستولى أتباع زيلينسكي على آلاف الشركات بذريعة صلاتها المزعومة بروسيا. أُقيل عدد من كبار أعضاء الحكومة بتهم فساد، وهذا الأسبوع، أمر حزب زيلينسكي بالاستيلاء على هيئتين رئيسيتين لمكافحة الفساد كانتا تُجريان تحقيقات مع مئات المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والمقربين من الإدارة الرئاسية".
وتابعت الصحيفة، "لأول مرة منذ بداية الحرب، امتلأت شوارع كييف بآلاف المتظاهرين الشباب. وكتبت أولغا رودينكو، رئيسة تحرير صحيفة "كييف إندبندنت" والمؤيدة المتحمسة لزيلينسكي سابقًا: "سيشعر زيلينسكي بغضب أولئك الأوكرانيين العنيدين والمحبين للحرية، الذين كان رمزًا دوليًا لهم". كان هجوم زيلينسكي على وكالات مكافحة الفساد، والذي يبدو أنه تراجع عنه الآن، خطأً فادحًا وغير مبرر، وجاء في الوقت الذي بدا فيه الرئيس الأميركي
دونالد ترامب وكأنه يتحرك في اتجاه أكثر تأييدًا لأوكرانيا. كما وكان ذلك بمثابة هدية ليس فقط للروس، بل أيضاً لكل من يعارض في الغرب تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لمقاومة كييف المستمرة. وكتبت عضو الكونغرس مارغوري تايلور غرين، المؤيدة القوية لشعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى": "زيلينسكي ... ديكتاتور ويرفض إبرام اتفاق سلام وإنهاء الحرب"، مشيدة بحشود المتظاهرين الذين تجمعوا خارج الإدارة الرئاسية في كييف. وأضافت: "هذا جيد للشعب الأوكراني! اطردوه من منصبه!"
وأضافت الصحيفة، "أثارت خطوة زيلينسكي أيضًا إدانةً من
الاتحاد الأوروبي، الذي كان على وشك بدء مفاوضات انضمام كييف إلى الاتحاد. وأعربت مارتا كوس، المفوضة الأوروبية لشؤون التوسع، عن "قلقها البالغ"، وذكّرت زيلينسكي بشدة بأن "سيادة القانون لا تزال في صميم مفاوضات انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد
الأوروبي". انتهت ولاية زيلينسكي رسميًا في أيار 2024، ولا يزال في منصبه بموجب سلطات الطوارئ في زمن الحرب على الرغم من الدعوات التي وجهت إليه لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال النائب المعارض أوليكسي جونشارينكو: "في أيار 1940، دعا ونستون تشرشل زعيم
المعارضة كليمنت أتلي ليكون نائبه، ووحد البرلمان بأكمله في حكومة واحدة". وأضاف: "لكن زيلينسكي فعل العكس، فهو متمسك بالسلطة بكل الوسائل الممكنة"."
وبحسب الصحيفة، "تتزايد الدعوات لإجراء انتخابات جديدة، رغم استمرار الأعمال العدائية. ويعتقد أكثر من 70% من الأوكرانيين أن قادتهم يستفيدون من الحرب، ويعاني الجنود والمدنيون على حد سواء من إرهاق القتال. وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع في حزيران أن 43% من المشاركين على استعداد للتخلي عن السيطرة الفعلية على الأراضي المحتلة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع
موسكو. وحتى الآن، لا يُظهر بوتين أي جدية في مسألة السلام. في الواقع، يُكنّ بوتين كراهية شخصية لزيلينسكي وغضبًا عميقًا. وهذا أمر طبيعي في زمن الحرب، ولكن من غير المرجح أن تؤدي هذه العلاقة إلى السلام".
ورأت الصحيفة أن "انتخاب رئيس أوكراني جديد من شأنه أن يشكل لحظة إعادة ضبط للأوضاع في البلاد، خاصة إذا كان مستعداً لحماية حقوق الناطقين بالروسية في أوكرانيا، وهو مطلب أساسي للكرملين، ومن المفارقات أن هذا المطلب أساسي للاتحاد الأوروبي أيضاً. لقد لعب زيلينسكي دورًا بارزًا في إنقاذ بلاده من الدمار، والآن عليه أن يتنحى جانباً من أجل أوكرانيا".