ذكرت صحيفة "Newsweek" الأميركية أن "رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غادر
واشنطن دون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وكما هو الحال مع جهود
الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران ووقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تُعدّ الحرب في غزة مثالاً آخر على انغماس الولايات المتحدة المفرط وثقتها المفرطة بإمكانية تحقيق نتيجة إيجابية في
الشرق الأوسط. الدبلوماسية أمرٌ جيد، وكذلك تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. ولكن بدلًا من الانشغال بحل مشاكل المنطقة، على واشنطن التركيز على المصالح الأميركية الحيوية، وهي قليلةٌ في الشرق الأوسط. وهذا يعني سحب غالبية القوات الأميركية، التي يتراوح عددها بين 40 ألفًا و50 ألف جندي، والمنتشرة في 30 قاعدةً في المنطقة".
وبحسب الصحيفة، "طوال ثمانينيات القرن العشرين، لم يكن للولايات المتحدة سوى قاعدتين دائمتين في الشرق الأوسط. وباستثناء بعض العمليات البرية القصيرة الأجل، فقد ظلت العمليات البحرية إلى حد كبير بعيدة عن الشاطئ مع تناوب عرضي للأصول البحرية لحماية التدفق الحر للنفط إلى الأسواق العالمية. دفعت مصلحتان حيويتان، النفط والإرهاب، القوات الأميركية إلى التواجد على الأراضي العراقية. وأثار غزو العراق للكويت عام 1990 خطر سيطرة قوة مهيمنة واحدة على إمدادات النفط العالمية. وبعد نشر 540 ألف جندي لإخراج العراق من الكويت في حرب الخليج الأولى، اعتمدت واشنطن استراتيجية الاحتواء المزدوج لمنع أيٍّ من العراق أو إيران من الهيمنة على المنطقة. وتمركز حوالي 25 ألف جندي أميركي بشكل دائم في قواعد جديدة في الخليج العربي طوال تسعينيات القرن الماضي".
وتابع الموقع، "أدت هجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية، والحروب المرتبطة بها في العراق وأفغانستان، وصعود تنظيم داعش عام 2014، إلى موجة جديدة من القوات. وظهرت قواعد أميركية جديدة في
سوريا والعراق والأردن وأماكن أخرى، وارتفعت أعداد القوات في بعض الأحيان إلى أكثر من 200 ألف جندي. والسؤال الأهم الآن هو: لماذا لا تزال القوات الأميركية موجودة في الشرق الأوسط؟ صحيح أن المصالح الحيوية الأميركية في المنطقة قد زالت، لكن القوات بقيت. وهذا غير منطقي. منذ عام 2019، أصبحت الولايات المتحدة مُصدّرًا صافيًا للنفط، مما يعني أنها لم تعد تعتمد على الشرق الأوسط لتلبية احتياجاتها من الطاقة. علاوة على ذلك، لا تلوح في الأفق أي قوى إقليمية مهيمنة، وأصبح العراق الآن شريكًا استراتيجيًا للولايات المتحدة. ومع اقتراب حلفائها الإقليميين من الإبادة، واقتصادها الهش، ودفاعاتها الصاروخية المتهالكة، أصبحت إيران الآن أضعف مما كانت عليه في أي وقت منذ ثورة 1979. كما وليس لديها القدرة على التنافس، حتى باستخدام سلاح نووي، على الهيمنة الإقليمية. تُثبت الضربات الأميركية الأخيرة على إيران أن التحديات يمكن مواجهتها من الاراضي الأميركية: فقد انطلقت القاذفات من ولاية ميسوري، وليس من القواعد الأميركية في الشرق الأوسط، لضرب المنشآت النووية
الإيرانية".
وأضاف الموقع، "لواشنطن مصلحة في الحفاظ على الممرات البحرية المفتوحة في المنطقة لضمان استقرار أسعار النفط العالمية، لكنها قادرة على تحقيق هذا الهدف بأسلوب يُشبه وضع القوة في ثمانينيات القرن الماضي، وليس بالوجود البري المُتضخم الذي لدينا الآن. ومن شأن وصول الولايات المتحدة إلى عدد قليل من القواعد البحرية ذات المواقع الاستراتيجية في الخليج العربي أن يُحقق ذلك. كما أن خطر الإرهاب قد زال إلى حد كبير، ويمكن للجهات الفاعلة المحلية التعامل معه. فقد هُزمت خلافة داعش عام 2019، وتنظيم القاعدة ضعيف للغاية. وقد فتحت التطورات في سوريا ما بعد بشار الأسد آفاقًا جديدة للدول الإقليمية للتعاون في إدارة ما تبقى من داعش. إن الجماعات الأكثر نفوذاً التابعة لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة لا تتواجد في الشرق الأوسط، وهي في أغلب الأحيان عبارة عن حركات تمرد محلية غير قادرة على تشكيل تهديد للولايات المتحدة. باختصار، إن
القضايا التي شكلت تقليديا أساس الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط لعقود من الزمن لم تعد تقدم أسبابا وجيهة لإبقاء القوات في المنطقة اليوم".
وبحسب الموقع، "قد يقول البعض إننا بحاجة للبقاء لحماية السيادة
الإسرائيلية، أو لمواجهة الصين، أو كنوع من الحماية. لكن أيًا من هذه الأسباب غير وارد. حتى بعد أحداث 7 تشرين الأول 2023، لا تزال
إسرائيل أكثر أمنًا من أي وقت مضى منذ تأسيسها، وذلك بفضل انهيار نظام الأسد في سوريا وتدمير حماس وحزب الله وإيران. وكما تُظهر سلسلة من الأبحاث الجديدة، ليس لدى الصين أي خطط أو وسائل لتولي زمام القيادة في الشرق الأوسط. إن البقاء "تحسبا لأي طارئ" يشكل بوليصة تأمين باهظة الثمن ويعطي الجهات الفاعلة غير الصديقة أهدافا لإطلاق النار عليها: فقد تعرضت القوات الأميركية في المنطقة للهجوم مئات المرات في العامين الماضيين، بما في ذلك الهجوم الأخير من قبل إيران. إن البقاء "احتياطًا" قد يضرّ أكثر مما ينفع بالاستقرار الإقليمي. وساهم تقليص القوات الأميركية في سوريا في توحيد الدولة
السورية ما بعد الأسد. وبالمثل، ساهم قرار الولايات المتحدة عام 2019 بعدم الرد على الهجوم
الإيراني على منشآت النفط
السعودية في تهدئة الرياض لحربها في اليمن وتطبيع علاقاتها مع إيران".
وختم الموقع، "من يدري؟ قد يُسهم التراجع في تحقيق سلام مستدام في غزة يومًا ما. كلما أسرعت الولايات المتحدة في سحب قواتها، كان ذلك أفضل".