أعلنت السلطة العسكرية في ميانمار، مساء الخميس، انتهاء حالة الطوارئ التي فُرضت منذ الانقلاب على حكومة أونغ سان سو تشي في شباط 2021، وتعهّدت بإعادة هيكلة المؤسسات الإدارية تمهيداً لانتخابات يُرجَّح إجراؤها في كانون الأول المقبل. غير أنّ الاقتراع المنتظر يصطدم بواقع حربٍ أهلية متصاعدة، وبمقاطعةٍ توعّد بها معارضو المجلس العسكري الذين يعتبرون أي انتخابات تحت قبضته "غير حرّة ولا نزيهة".
بموجب الهيكلة الجديدة، تخلى قائد الانقلاب الجنرال مين أونغ هلاينغ عن منصبَي رئيس الوزراء ورئيس مجلس
إدارة الدولة، لكنه احتفظ بمقاليد السلطة رئيساً مؤقتاً، ما يمنحه نفوذاً أوسع داخل
مجلس الدفاع والأمن الوطني، وهو الهيئة التي آلت إليها جميع الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية. كما شُكِّلت لجنة جديدة للأمن والسلام يرأسها هلاينغ أيضاً، لتتولى مراقبة العملية
الانتخابية، في خطوة رأى مراقبون أنها تُحكِم قبضة الجيش على صناديق الاقتراع.
المتحدث العسكري اللواء زاو مين تون أكد أنّ "الانتخابات ستُجرى خلال ستة أشهر من رفع حالة الطوارئ"، لافتاً إلى حلّ المجالس الإدارية التي استحدثها الجيش عقب الانقلاب. في المقابل، كشف
التلفزيون الحكومي "إم آر تي في" عن فرض أحكام عرفية تسري لـ90 يوماً في 63 بلدة ضمن تسع مناطق، معظمها تخضع لسيطرة جماعات
المعارضة المسلحة.
المشهد الميداني يتعقّد أكثر مع استمرار المواجهات بين الجيش وقوات المعارضة في أنحاء واسعة من البلاد، إذ تُقدّر جهات مستقلة أنّ الجيش لا يسيطر إلا على أقلّ من نصف الجغرافيا الميانمارية. ومنذ شباط 2021 حتى نهاية
تموز المنصرم قُتِل 7013 شخصاً واعتُقل 29,471 آخرون، وفق إحصاءات "جمعية مساعدة السجناء السياسيين"، وهي أرقام تشكك فيها السلطات العسكرية.
وإذ طُرح موعد أولي للانتخابات في آب 2023 ثم أُرجئ مراراً، تبقى روزنامة كانون الأول مهدَّدة بالتأجيل مرة جديدة بفعل استمرار القتال واعتقال معظم قياديّي حزب "الرابطة الوطنية من أجل
الديمقراطية" بزعامة سو تشي. وفي حين تعتبر أحزاب المعارضة والخبراء أنّ الاقتراع المرتقب لا يعدو كونه محاولة لإضفاء شرعية شكلية على حكم العسكر، تؤكد "حكومة
الوحدة الوطنية" المعارضة أنها ستعمل على إحباط "الانتخابات المزيّفة"، على حدّ وصف متحدثها ناي فون لات.