نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إن "حركة حماس في غزة تواجه حتمية التفكك والموت، فيما لا تواجه حالياً خيار الصمود".
ويقولُ التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" إن "ما يحدث في
قطاع غزة هذه الأيام لا يبدو مُجرد فصلٍ عابر من فصول الصراع
الإسرائيلي – الفلسطيني، بل يُمثل نقلة نوعية، مشحونة بتداعيات استراتيجية وأبعاد فكرية تُشير إلى ما يُمكن تسميته بنهاية دورة كاملة في الخطاب الأيديولوجي لحماس".
واعتبر التقرير أن "القتال في غزة تجاوز العمليات العسكريّة ليضرب قلب الإطار التنظيمي والعقائدي الذي حكم القطاع الفلسطيني لأكثر من 15 عاماً"، وأضاف: "لا شك أن
إسرائيل لم تعد تستهدف خلايا معزولة أو مخابئ أسلحة فحسب؛ بل إنها تهدف إلى تفكيك النظام الذي بنته حماس بأكمله لاسيما رمزيتها للمقاومة، خطابها الديني، والصورة الشعبية التي زرعتها".
وذكر التقرير أنَّ "التأخير في دخول وسط وجنوب غزة، مثل دير البلح وخان يونس والمواصي، يعكس حسابات معقدة حول الكثافة السكانية، ووجود الرهائن، وتهديدات الأنفاق، والضغط الدولي، لكن اليوم، تبدو إسرائيل مستعدة لطي تلك الصفحة"، وأضاف: تجمع الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية بين تهجير السكان والقوة النارية والتوغلات المحدودة والمستهدفة التي تنفذها قوات خاصة مدعومة بسلاحٍ جوي. إلا أن المفارقة الكبرى تكمن في سلوك حماس نفسها، فلم تُبدِ الحركة أي مرونة حقيقية تجاه المبادرات الدولية، بل يبدو أنها تستعد لنهاية مأسوية لا يمكن فيها التمييز بين الاستشهاد والانهيار".
وأضاف: "علناً، انحرف خطاب قيادة حماس نحو سردية تضحية نهائية، مُصوِّراً المنظمة على أنها البطل المهزوم بدلاً من كونها طرفاً سياسياً براغماتياً. لقد جسّد خالد
مشعل، القيادي البارز في القيادة الخارجية لحماس، هذه الروح عندما أعلن أن العدو لا يفهم إلا لغة الجهاد والاستشهاد، وأصرّ على أن خلاص
فلسطين لا يُقاس بقوة أسلحتنا فحسب، بل باستعدادنا للموت أيضاً".
وتابع التقرير: "كلمات مشعل تبلور فلسفة الإبادة الذاتية البطولية، وتحويل الموت من نتيجة مؤلمة إلى ذروة النضال. إنَّ هذا الخطاب لا يفعل مجرد حشد الأتباع؛ بل إنه يوجه جهاز حماس الإعلامي الموازي لإنتاج محتوى يعمل على تهيئة الناس نفسياً لقبول اختفاء قيادتهم والمنظمة نفسها كنهاية مجيدة".
وأكمل: "يلاحظ المراقبون أن هذا الخطاب العنيف وغير القابل للتفاوض، يكشف عن تضاؤل أمل حماس في بقائها. لقد أشارت مراكز الأبحاث الغربية التي تراقب السلوك الأيديولوجي للجماعات المسلحة إلى أن حماس تُدرك الآن حتمية زوال قيادتها الداخلية، وأن عناصرها الخارجية قد تواجه اغتيالات دقيقة مماثلة لتلك التي طالت أسلافها في السنوات الأخيرة. مع هذا، فقد أصبح ملف الرهائن مجرد أداة لكسب الوقت، وليس وسيلة ضغط حقيقية في المفاوضات. بمجرد طي هذا الملف، سيُعاد تشكيل الحركة على الساحة الدولية، ليس كشريك تفاوضي، بل كهدفٍ للاجتثاث، حيث يُطارد قادتها في كل أنحاء العالم من دون أي ملجأ".
وأضاف: "في الوقت نفسه، تستعد المنطقة لواحدة من أكبر جهود إعادة الإعمار المدنية والإنسانية في العصر الحديث.. تشير تقديرات
الأمم المتحدة إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة تتجاوز 50 مليار دولار، مع احتمال ارتفاع هذه التوقعات نظراً للدمار الواسع النطاق، وانهيار البنية التحتية، والعقود التي قد تستغرقها استعادة الخدمات الأساسية. سيجذب هذا التحدي المتمثل في إعادة الإعمار عدداً لا يُحصى من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، ليس بدافع إنساني بحت، بل للاستفادة من التدفقات المالية، وتوسيع النفوذ السياسي، وتحديد مستقبل غزة. كذلك، ستصبح إعادة الإعمار نفسها ساحة تنافس أخرى، تُشكلها حسابات استراتيجية، لا مجرد الرغبة في إعادة الإعمار".
وتابع: "وهكذا، لا تواجه حماس خيار الصمود، بل حتمية التفكك والموت تحت راية ما يُسمى بالاستشهاد. لقد تجاوزت المعركة ساحة المعركة الفعلية لتتحول إلى صراع على الرواية. كذلك، تسعى حماس إلى اختتام رحلتها بصورة بطولية تتجاوز الواقع السياسي، وترسّخ نفسها في المخيلة الشعبية كتضحية عظمى".
وقال: "أعتقد أن النهاية التي تُعدّ لها حماس ، فكرياً وإعلامياً، بعيدة كل البعد عن النهاية المجيدة التي يتوقعها أنصارها، بل إنها تكشف عن فشل الإطار الأيديولوجي في إنتاج بدائل سياسية قابلة للتطبيق".