Advertisement

عربي-دولي

"بيت فاليرو".. رواية إسرائيلية مزيفة لتهويد قلب الخليل

Lebanon 24
09-09-2025 | 08:00
A-
A+
Doc-P-1414561-638930141918014642.png
Doc-P-1414561-638930141918014642.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
تشهد البلدة القديمة في مدينة الخليل بالضفة الغربية واحدة من أخطر موجات التهويد، بعدما استولى مستوطنون إسرائيليون على مبنى فلسطيني أثري وحوّلوه إلى بؤرة استيطانية جديدة.
Advertisement
الخطوة التي تمت بحماية كاملة من قوات الاحتلال، عكست سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس هوية المكان التاريخية، وفرض واقع جديد على الأرض باستخدام القوة والقوانين الملتبسة والروايات التاريخية المفبركة.

اقتحام علني وتحويل المبنى

في الثاني من أيلول الجاري، اقتحم عشرات المستوطنين مبنى في شارع الشلالة – أحد أهم مداخل البلدة القديمة المؤدي إلى الحرم الإبراهيمي – ورفعوا الأعلام الإسرائيلية على واجهته. لم يكتفوا بذلك، بل أدخلوا أثاثاً وأغراضاً أساسية للإقامة، ورددوا الأغاني وأدوا الرقصات، معلنين ما أسموه "استعادة حق تاريخي" عبر إطلاق اسم "بيت فاليرو" على المبنى.
وسائل الإعلام العبرية كشفت أن طلاب المدرسة الدينية "يشيفات شفي حبرون"، الواقعة قبالة الموقع، قادوا عملية الاقتحام، وأسسوا داخله بؤرة استيطانية جديدة، في خطوة اعتُبرت استراتيجية بحكم موقع المبنى المحاذي لشارع مغلق منذ سنوات أمام الفلسطينيين.

موقف فلسطيني غاضب

بلدية الخليل وصفت ما جرى بأنه "جريمة ممنهجة" تهدف إلى تهويد قلب المدينة التاريخية. وأكدت أن الاستيلاء على المنزل المحاذي لمبنى البلدية القديم هو جزء من سياسة منظمة لإفراغ البلدة القديمة من سكانها، وإغلاق شوارع حيوية مثل الزاهدة والشلالة.
ورأت البلدية أن ما حدث انتهاك صارخ للقوانين الدولية، ورسالة واضحة بأن الاحتلال ماضٍ في تغيير هوية المدينة وتراثها بالقوة.

الذريعة الإسرائيلية: "بيت فاليرو"

المستوطنون ادعوا أن المبنى يعود ملكيته لحاييم أهارون فاليرو، وهو مصرفي يهودي بارز في القدس أدار بنك والده يعقوب فاليرو منتصف القرن التاسع عشر. وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن فاليرو امتلك العقار قبل أن يُطرد اليهود من الخليل عقب أحداث عام 1929.
لكن مراجعة الوثائق التاريخية تكشف هشاشة هذه السردية؛ فالمصادر الإسرائيلية نفسها، ومنها صحيفة هآرتس، تؤكد أن عائلة فاليرو حصر نشاطها العقاري في القدس وضواحيها، ولم يكن لها أي ممتلكات في الخليل. كما أن حاييم فاليرو توفي عام 1923، أي قبل ست سنوات من أحداث 1929، ما يجعل الادعاء بملكيته للمبنى متناقضاً.

شهادات فلسطينية ووثائق رسمية

رئيس لجنة البلدة القديمة بدر الداعور شدد على أن المبنى يعود لعائلة ناصر الدين، التي امتلكته منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حين كان أحد أفرادها رئيساً لبلدية الخليل. وأوضح أن وثائق رسمية تعود لعهد الانتداب البريطاني تثبت هذه الملكية بشكل قاطع، نافياً أي تسريب أو بيع للمستوطنين.
الباحث أحمد حرباوي أضاف أن الطابق المستولى عليه بُني بعد الانتفاضة الأولى فوق دكاكين عثمانية قديمة، كانت مملوكة للسلطات العثمانية وتستخدم كمخابز، مشيراً إلى أن الاحتلال يستغل "قانون أملاك الغائبين" ليزعم ملكية الأرض وما بني فوقها.


لكن التدقيق التاريخي يبيّن أن مزاعم "بيت فاليرو" تفتقر للمنطق؛ فخرائط تلك الفترة لا تشير إلى وجود بناء فوق الدكاكين، ولم ترد أي إشارة في الدراسات الإسرائيلية المتخصصة إلى ارتباط المبنى بعائلة فاليرو قبل عام 1936.
بل إن المؤرخ الإسرائيلي أيال ديفيدسون أكد أن بيت فاليرو كان داخل أسوار القدس قرب باب الساهرة، وأن العائلة غادرته عام 1929 نحو شارع يافا في القدس، ولم تسكن يوماً في الخليل.

دعم حكومي وديني

الخطوة لم تقتصر على مبادرة فردية من المستوطنين، بل حظيت بدعم حكومي مباشر. إذ أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن الاستيلاء يمثل "تصحيحاً تاريخياً بعد 96 عاماً"، فيما وصفها الحاخام حننال أتروج بأنها "عودة للتراث وإحياء لإرث الآباء".
حركة "سلام الآن" الإسرائيلية أوضحت أن المبنى خُصص رسمياً للمستوطنين عبر "مسؤول الأملاك الحكومية"، وأن الجيش سهّل دخولهم إليه بتوفير ممر خاص.


يقع المبنى المستولى عليه عند مدخل البلدة القديمة، مقابل مستوطنة "بيت رومانو" التي أُنشئت في سبعينيات القرن الماضي. هذا الموقع يجعله نقطة تحكم رئيسية تسمح بتضييق الخناق على الفلسطينيين، وفرض مزيد من القيود على حركتهم.
بحسب حركة "سلام الآن"، فإن الهدف من الخطوة هو استكمال الطوق الاستيطاني حول قلب الخليل التاريخي، وتحويله إلى منطقة معزولة، في واحدة من أبشع صور نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية.


إذا ما يسمى بـ"بيت فاليرو" ليس سوى غطاء دعائي لخطوة سياسية واستيطانية خطيرة. فالاحتلال لا يحتاج إلى ذريعة حقيقية بقدر ما يحتاج إلى قصة لتسويق مشروعه التهويدي. أما الهدف الفعلي، فهو السيطرة على أهم المواقع الإستراتيجية في الخليل، وإعادة تشكيل هويتها الديمغرافية والتاريخية، في مسعى لإحكام السيطرة الكاملة على المدينة التي تمثل قلب الضفة الغربية.
 
(الجزيرة)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك