أكدت صحيفة لوموند
الفرنسية في افتتاحيتها الصادرة اليوم السبت أن مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين تمثل خطوة شجاعة ومتسقة مع المبادئ التاريخية لفرنسا، مشددة على أن هذه المبادرة تعكس
التزام باريس بمبدأ العدالة ورفض الاحتلال.
وأوضحت الصحيفة
أن فرنسا ظلت منذ عقود تدافع عن حل الدولتين، مشيرة إلى أن جذور هذا المبدأ تعود إلى خطة تقسيم فلسطين التي أقرتها
الأمم المتحدة في تشرين الثاني عام 1947، إبّان فترة الانتداب
البريطاني.
وشددت الافتتاحية على أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يعني سوى الاعتراف بوجود شعب فلسطيني له حقوق مشروعة، وهو أمر لا يمكن لأي طرف إنكاره، خاصة أن هذه الأراضي – قطاع غزة والضفة الغربية – تعرضت للاحتلال والاستيطان بالقوة، ما يجعل رفض هذا الاحتلال مبدأ أساسيا من مبادئ القانون الدولي لا يقبل الاستثناء.
وأضافت الصحيفة أن الاعتراف بالدولة
الفلسطينية يحمل في الوقت نفسه معنى آخر يتمثل في أنه إقرار نهائي بإسرائيل من جانب الدول التي لم تقدم على هذه الخطوة بعد، كما أنه يُعد ضمانة لا غنى عنها لأمن
إسرائيل ذاتها، إذ إن
الفلسطينيين بقبولهم هذا الاعتراف يقرون بوجود الدولة العبرية.
وبشأن الاعتراضات القائلة إن الوقت غير مناسب للاعتراف بدولة فلسطين لأنه قد يُفسَّر على أنه انتصار لحركة حماس عقب هجوم السابع من تشرين الأول 2023، اعتبرت الصحيفة أن مثل هذه الحجج تتجاهل عمداً ما يحدث يومياً في غزة والضفة الغربية من قتل وتهجير واستيطان، مبرزة أن الرئيس ماكرون يدرك أن فرنسا لم يعد بإمكانها الانتظار أكثر للانضمام إلى الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي اعترفت بالفعل بالدولة الفلسطينية.
وانتقدت الصحيفة بحدة سياسات رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكدة أنه يكرر في كل مناسبة أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية أبدا"، وأن إسرائيل تسعى فعلياً إلى تدمير غزة وتهجير سكانها، إلى جانب تكثيف الجهود لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وسجنهم في معازل تشبه نظام البانتوستانات في حقبة الفصل العنصري بجنوب أفريقيا.
ورأت لوموند أن مبادرة فرنسا ترافقها دعوة إلى نزع السلاح وإبعاد حركة حماس عن الحكم بشكل نهائي، لكنها في الوقت نفسه شددت على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحده لن يكون كافياً لإحلال السلام الشامل. ومع ذلك، أكدت أن التخلي عن هذه الخطوة يعني التعجيل بوأد حل الدولتين وفتح الباب أمام حرب لا نهاية لها.
وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس ماكرون في منشور عبر منصة "إكس" أن الاعتراف بدولة فلسطين سيكون جزءاً من خطة سلام شاملة تضمن الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
وكشف مستشار للرئيس الفرنسي قبل يومين أن عشر دول قررت المشاركة في مؤتمر يعقد في نيويورك الاثنين المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطين. وتشمل هذه الدول: فرنسا، بريطانيا، أستراليا، كندا، بلجيكا، لوكسمبورغ، البرتغال، مالطا، أندورا، وسان مارينو.
وأكدت
وزارة الخارجية البرتغالية بدورها أن لشبونة ستعترف رسمياً بدولة فلسطين يوم غد الأحد، في خطوة تأتي قبل اجتماع الأمم المتحدة، الأمر الذي أثار غضباً شديداً
في إسرائيل التي وصفت هذا التوجه بأنه "مكافأة لحماس".
وحذرت الرئاسة الفرنسية أمس من أن ضم الضفة الغربية خط أحمر بالنسبة لباريس، فيما قال ماكرون في مقابلة مع القناة 12
الإسرائيلية إن بناء المستوطنات لا يستهدف
القضاء على حماس بقدر ما يهدف إلى قتل حل الدولتين.
وبحسب ما نقله موقع "بوليتيكو" الأميركي، فإن إسرائيل بدأت بالفعل بلورة خيارات للرد على خطوة فرنسا وحلفائها، قد تشمل تسريع ضم الضفة الغربية، إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، وحتى “الاعتداء على أراض فرنسية في إسرائيل” مثل مزار إليونا المسيحي.