ذكر موقع "Responsible Statecraft" الأميركي أنه "يبدو الأمر وكأن الصراع في
الشرق الأوسط يشهد منعطفًا حاسمًا، نظرًا لتزايد حدة الغضب الدولي إزاء ممارسات
إسرائيل الفتاكة في قطاع غزة واتساع نطاقه في الأسابيع الأخيرة. استغلت عدة دول غربية كبرى، كانت قد رفضت سابقًا الانضمام إلى معظم الدول الأعضاء الأخرى في
الأمم المتحدة في الاعتراف رسميًا بدولة فلسطينية، افتتاح الدورة الحالية للجمعية العامة كمناسبة لاتخاذ هذه الخطوة. ولا تزال التظاهرات الشعبية في الغرب الداعمة للفلسطينيين ضخمة وواضحة كعادتها، وتُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة انخفاضًا حادًا في دعم الرأي العام الأميركي لإسرائيل".
وبحسب الموقع، "هذه الردود هي أقل ما يمكن توقعه في ظل تدهور جديد في الإجراءات
الإسرائيلية الوحشية ضد سكان قطاع غزة، وقد أدى الهجوم العسكري
الإسرائيلي على مدينة غزة إلى زيادة الدمار الذي لحق بمعظم المدينة. لقد منح الهجوم السكان المتبقين خيار المعاناة وربما الموت في أماكنهم، أو الفرار مجددًا إلى مكان آخر في القطاع دون أي ضمانات أمنية. وقد أدت الهجمات المسلحة والتجويع المفروض إلى ارتفاع عدد شهداء غزة إلى ما يقارب الآن أضعاف الرقم المعلن رسميًا، وهو حوالي 65 ألف شهيد. إن ردود الفعل الدولية، بما فيها الاعتراف الدبلوماسي بفلسطين من قِبَل الحكومات الغربية، لا تُثير رد فعل إسرائيلي بنّاء. وقد تعرّض الاعتراف بالدولة
الفلسطينية لانتقادات من بعض
الفلسطينيين الذين يُشيرون، مُحقّين، إلى أنه لا يُخفّف من المعاناة المباشرة على الأرض. فالتحركات الدبلوماسية والتظاهرات الشعبية لا تتكلم اللغة الوحيدة التي يبدو أن إسرائيل تفهمها، وهي لغة القوة والإكراه".
وتابع الموقع، "كان رد الفعل الإسرائيلي على التحركات الدبلوماسية الأخيرة تحديًا وتهديدًا بإلحاق المزيد من الفظائع بالفلسطينيين. ويسعى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، إلى جعل ضم الضفة الغربية الرد الإسرائيلي
الرئيسي على الاعتراف
الغربي بفلسطين. ويرى معظم الإسرائيليين، وليس فقط حكومتهم أو المتطرفون داخلها، أن الضغط الدولي مجرد دليل إضافي على التحيز ضد إسرائيل وضرورة استخدام تل أبيب للقوة لحماية نفسها، بغض النظر عن الغضب العالمي. وتُظهر دراسات استطلاعية أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أنه لا يوجد أبرياء في غزة، ويؤيدون طرد سكانها من القطاع. ورغم أننا قد لا نكون عند نقطة تحول في ما يتعلق بالمأساة الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أن تفكير الأنظمة العربية في المنطقة قد بلغ نقطة تحول نوعاً ما في الأسابيع الأخيرة. فقد شكل الهجوم الإسرائيلي في أوائل أيلول على أراضي قطر، في محاولة فاشلة لاغتيال قادة حماس المشاركين في مفاوضات بشأن غزة، صدمة لهذه الدول".
وأضاف الموقع، "يأتي هجوم قطر في خضمّ سيلٍ من الهجمات الإسرائيلية المسلحة على دولٍ إقليمية أخرى، منها
لبنان وسوريا واليمن وإيران، بالإضافة إلى المذبحة في فلسطين. وقد كانت هذه الدول، وغيرها من الدول الإقليمية (مثل العراق ومصر)، هدفًا لهجمات إسرائيلية، عسكريةً كانت أم سريةً، لسنواتٍ عديدة، إلا أن تزامن بعض هذه الهجمات تقريبًا خلال الشهر الماضي هو ما زاد من الصدمة. وأظهر الهجوم على قطر للحكومات العربية ليس فقط أن إسرائيل هي الدولة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة، بل أيضًا أن أي دولة من دولها معرضة لهجوم مماثل. إن المخاوف المصرية كبيرة بما يكفي لدرجة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وصف إسرائيل بأنها "عدو" في تصريحاته خلال القمة العربية الطارئة التي عقدت في أعقاب الهجوم في قطر. مصر، شأنها شأن قطر، توسطت في محادثات وقف إطلاق النار في غزة، وقد تصبح هدفًا آخر لإصرار إسرائيل على قتل مسؤولي حماس أينما كانوا، حتى أولئك المشاركين في مفاوضات السلام.كما تخشى مصر من عواقب استمرار التطهير العرقي الإسرائيلي ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة، المجاور لمصر، على أمنها. وتشعر الأردن بمخاوف مماثلة بشأن الخطوات الإسرائيلية العدوانية المتزايدة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والتي قد تدفعهم شرقاً وتزعزع الوضع الداخلي الهش بالفعل في البلاد".
وبحسب الموقع، "من نتائج هذه الأحداث إزالة إمكانية عقد المزيد من اتفاقيات التطبيع الدبلوماسي بين الدول العربية وإسرائيل، على الأقل في الوقت الحالي، بالإضافة إلى الاتفاقيات التي وقعتها البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة خلال ولاية الرئيس
دونالد ترامب الأولى. ومن فوائد هذا التطور المساعدة في دحض الفكرة التي نسمعها أحيانا في
الولايات المتحدة، والتي تقول إن ترقية العلاقات مع إسرائيل تمثل تقدما وحتى خطوة نحو السلام الإسرائيلي الفلسطيني. على العكس من ذلك، يُعدّ هذا التطوير بديلاً عن قيام إسرائيل بإحلال السلام مع الفلسطينيين، إنه سبيلٌ لإسرائيل للتمتع بعلاقات كاملة مع جيرانها الإقليميين، ولإظهارها للعالم، بينما تواصل إخضاع الفلسطينيين واحتلال أراضيهم. ونظراً للميل الإسرائيلي أيضاً إلى النظر إلى مثل هذه الاتفاقيات باعتبارها جوهر التحالف المناهض لإيران، فإن "اتفاقيات السلام" المزعومة قد أدت أيضاً إلى تعميق خطوط الصراع في الخليج الفارسي".
وختم الموقع، "على الولايات المتحدة أن تتجاوز الشعارات المألوفة حول كون إيران أكبر مصدر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وعليها أن تنظر في أي دولة أخرى أشعلت حروبًا وهاجمت دولًا أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة، وأن تعيد تقييم علاقتها بها جذريًا".