ذكرت صحيفة "The Hill" الأميركية أنه "في الوقت الذي كان الرئيس الأميركي
دونالد ترامب يعلن فيه عن خطته للسلام المكونة من عشرين نقطة لإنهاء حرب غزة، كان المنتقدون بالفعل يبحثون عن ثغرات في محتواها، واستشهدوا بتصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن
إسرائيل ستحتفظ بـ"ممر أمني" على أراضي غزة. وقد قال نتنياهو هذا بالفعل، بلا شك لتهدئة المتطرفين في حكومته الذين يسعون إلى تطهير غزة من سكانها، لكن المقترح نفسه لا يذكر شيئًا من هذا القبيل".
وبحسب الصحيفة، "على العكس من ذلك، ينص اقتراح
ترامب على أن
الولايات المتحدة "ستعمل مع الشركاء العرب والدوليين لتطوير قوة استقرار دولية مؤقتة للانتشار الفوري في غزة"، ثم يضيف أن "إسرائيل لن تحتل غزة أو تضمها. ومع قيام قوة الاستقرار بتثبيت السيطرة والاستقرار، ستنسحب القوات
الإسرائيلية على أساس معايير ومعالم وجداول زمنية مرتبطة بالضامنين الدوليين والولايات المتحدة". ويسمح الاقتراح بوجود "محيط أمني" يستمر حتى تأمين غزة بشكل كامل من أي تهديد إرهابي متجدد. ومع ذلك، من غير المرجح أن توافق الدول العربية التي تختار المشاركة في قوة الاستقرار الدولية، أو إندونيسيا (التي قد تتطوع أيضًا لتقديم قوات لقوة حفظ السلام)، على أي نوع من الوجود
الإسرائيلي الطويل الأمد في أي جزء من غزة. وعلى نحو مماثل، فإن المساحة الفعلية التي سيغطيها هذا المحيط لن تحددها إسرائيل وحدها".
وتابعت الصحيفة، "صحيح أن نتنياهو لم يُعلن عن موعد طرح الاتفاق على حكومته، وما إذا كان سيُناقشه، ويؤكد منتقدوه أنه ربما وعد بشيء باللغة الإنكليزية، لكنه سيقول شيئًا مختلفًا تمامًا باللغة العبرية عندما يكون في القدس. ومع ذلك، فقد قبل الاقتراح علنًا، ولا يسعه التراجع عنه خشية أن ينقلب عليه ترامب. بطبيعة الحال، نتنياهو يعلم أنه بمجرد عرض الاتفاق على
مجلس الوزراء للتصويت عليه، فإن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتيمار بن غفير، اللذين يرغبان في طرد سكان غزة، سوف ينسحبان من الائتلاف الحاكم. وهو يعلم أيضاً أن زعيم المعارضة يائير لابيد عرض الانضمام إلى الحكومة ليحل محل المتطرفين الاثنين، وهو ما يعني أن نتنياهو يستطيع البقاء في السلطة على الأقل حتى الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها بعد عام من الآن. هذا، بالطبع، بافتراض أن ما وعد به لابيد قبل أشهر سيظل قائمًا حتى الآن. لذا، فإن قبول نتنياهو العلني لخطة ترامب يُهدد، قبل كل شيء، برحيله عن رئاسة الوزراء".
وأضافت الصحيفة، "هناك أيضًا منتقدون يؤكدون أن الدول العربية الداعمة لخطة ترامب لا تفعل سوى مجاملة الرئيس. مع ذلك، فإن الدول الراغبة في المساهمة بقوات في قوة الاستقرار ستفعل ذلك بشرط أن تؤدي الخطة في نهاية المطاف إلى قيام دولة فلسطينية. قد لا تدعو الخطة صراحة إلى إقامة دولة، لكنها تتوقع أن تسيطر السلطة
الفلسطينية على غزة بمجرد "استكمال برنامجها الإصلاحي" الذي دعا إليه ترامب والمقترح الفرنسي السعودي. يعارض نتنياهو بشدة مثل هذا الاستحواذ، وكما يشير، عن حق، سيكون ذلك بمثابة الخطوة الأولى الملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية حقيقية. علاوة على ذلك، فإن إدراج السلطة الفلسطينية في خطته يُمثل خطوة مهمة نحو توحيد موقف أميركا مع موقف حلفائها الرئيسيين، الذين اعترفوا جميعًا رسميًا بدولة فلسطين".
وبحسب الصحيفة، "تُلزم الخطة حماس أيضًا بنزع سلاحها، وقد أكدت الحركة بشدة أنها لن تفعل ذلك. إن منح الخطة أعضاء حماس "عفوًا" إذا "نزعوا" أسلحتهم قد لا يكون كافيًا لإقناع من يقود الإرهابيين حاليًا بالموافقة على شروطها. ومع ذلك، ستواجه حماس ضغوطًا هائلة من كل الدول العربية تقريبًا التي ترغب في إنهاء الحرب. كما تدعم الخطة الدولتان السنيتان الرئيسيتان غير العربيتين: تركيا وإندونيسيا. ويُقال إن تركيا مستعدة لتقديم اللجوء لأي فرد من حماس يطلبه. تُدرك حماس أنه إذا رفضت الخطة رفضًا قاطعًا، فسيُزوّد ترامب إسرائيل، بلا شك، بأي أسلحة تطلبها لإكمال سيطرتها على غزة. لذا، قد تُحاول حماس كسب الوقت. قد يكون ترامب مستعدًا للتراجع عن إلحاح جدوله الزمني، لكن الحركة لن تتمكن من المماطلة طويلًا، كما وستتعرض لضغوط متزايدة لقبول الاتفاق، وليس من المتوقع أن تُوقف إسرائيل هجومها في هذه الأثناء".
وختمت الصحيفة، "في نهاية المطاف، لا أحد يعلم ما إذا كانت خطة ترامب، على الرغم من كل الدعم الذي تحظى به داخل
الشرق الأوسط وخارجه، ستُكلَّل بالنجاح أم ستُلاقي مصير كل خطط السلام التي سبقتها في العقود الثلاثة الماضية. ومع ذلك، إذا نجحت الخطة، فمهما بلغ كره النرويجيين لترامب، فلن يكون أمام لجنة نوبل النرويجية خيار سوى منحه جائزة السلام التي يطمح إليها بشدة".