ما بدأته
أوكرانيا بهجمات الدرون-قوارب عام 2022 بات اليوم سباقًا عالميًا على أساطيل بلا طواقم، حيث تتقدّم الخوارزميات على المدافع. فلم تعد هذه القوارب مجرد أدوات انتحارية، بل تحولت إلى منصات هجومية ذكية قادرة على حمل صواريخ مضادة للطائرات والسفن، بل وحتى إطلاق طائرات صغيرة من على سطحها.
ويعلق أحد الضباط
البريطانيين المشاركين في المناورات قائلًا: "أوكرانيا لم تغيّر أسلوب الحرب فقط، بل قلبت ميزان البحر رأسًا على عقب".
ومن
واشنطن إلى بكين، ومن لندن إلى تايبيه، يتسابق العالم لتطوير أساطيل بحرية بلا طواقم.
الصين أطلقت العام الماضي أكبر سفينة مسيّرة في العالم بطول 60 مترًا، أما تايوان فكشفت بدورها عن قوارب اعتراضية مستوحاة من "ماغورا"
الأوكرانية، فيما بدأت
الولايات المتحدة بنشر نسخ ضخمة من سفنها غير المأهولة في المحيط الهادئ.
أما
بريطانيا، فاختبرت غواصات مسيّرة مخصصة لصيد الألغام، بينما تركز دول شمال
أوروبا على حماية أنابيب
الغاز وكابلات الإنترنت البحرية من التخريب.
وحتى
روسيا، دخلت السباق بإعلانها أول هجوم ناجح لقارب مسيّر على سفينة أوكرانية عند مصب نهر الدانوب.
في المقابل، بات واضحًا أن من يملك زمام هذه التكنولوجيا الجديدة لن يسيطر على البحر فحسب، بل على ميزان القوة العالمي بأسره.
ستارلينك... السلاح المزدوج
ووفقا للتقرير، تعتمد معظم القوارب المسيّرة حاليًا على شبكة أقمار "ستارلينك" التابعة لإيلون
ماسك، التي توفر اتصالًا سريعًا ومستقرًا، لكنها أيضًا تمثل نقطة ضعف استراتيجية. ففي عام 2022، تعطلت الشبكة أثناء هجوم أوكراني على القرم، مما أدى إلى فشل العملية.
ويعلّق فيل لوكوود، المدير التنفيذي لإحدى الشركات المشاركة في المناورات، قائلًا: "لا ينبغي أن يكون أمن دولة بأكملها رهينة قرار رجل واحد في وادي السيليكون".
لهذا بدأت أوروبا تسعى إلى تطوير شبكات اتصال مستقلة تعتمد على تقنيات الجيل الخامس (5G) لضمان أمان الاتصالات العسكرية، حتى وإن قللت من المدى التشغيلي لهذه السفن الذكية.
وخلف الثورة التقنية، تكمن حسابات اقتصادية ضخمة. فبينما يتجاوز سعر الفرقاطة الحديثة مليار دولار، يمكن لقارب مسيّر لا يتجاوز ثمنه 250 ألف دولار أن يدمرها في لحظة.
ووفق التقارير، فإنها معادلة مغرية من حيث التكلفة، لكنها محفوفة بالمخاطر. ويقول أحد ضباط الناتو مازحًا خلال المناورات: "رأيت هذا الصباح شخصًا يركب لوح أمواج مزودًا بمحرك، في الحرب المقبلة قد يصبح هذا سلاحًا أيضًا".
هذه المفارقة تختصر التحول الجاري في العالم البحري، إذ لم يعد التفوق مرهونًا بحجم السفينة أو قوة محركاتها، بل بسرعة خوارزمياتها ودقة برمجتها.
ومع اتساع رقعة المنافسة بين القوى الكبرى، يبدو أن سباق البحر الجديد لن يُحسم بمن يملك أكبر أسطول، بل بمن يملك أذكى خوارزمية. (العين)