أعلنت جماعة الحوثي عن مقتل رئيس هيئة الأركان العامة، محمد عبد
الكريم الغماري، متأثرًا بجروحه بعد استهداف إسرائيلي دقيق في العاصمة اليمنية صنعاء، ما يُعد انكسارًا نادرًا لجدار السرية الذي تحيط به الجماعة منذ أكثر من عقد.
تزامن الإعلان مع تصريحات رسمية إسرائيلية، حيث أكد
وزير الدفاع الإسرائيلي يسراييل كاتس أن العملية "جاءت بعد جهد استخباراتي عميق"، مؤكدًا استمرار
إسرائيل في إزالة التهديدات القادمة من اليمن.
لم تمضِ ساعات قبل أن تعين الجماعة يوسف حسن المداني رئيسًا جديدًا لهيئة الأركان العامة. المداني، الذي تلقى تدريباته في
إيران ولبنان، يُعد من أبرز الميدانيين الذين أسسوا شبكة أنفاق الحديدة على غرار أنفاق
حماس في غزة، ويجمع علاقات وثيقة مع الحرس الثوري
الإيراني، مما يجعله حلقة وصل حيوية بين صنعاء وطهران.
وأشار الخبير الأمني سعيد بكران، في حديثه لبرنامج التاسعة على قناة
سكاي نيوز عربية، إلى أن مقتل الغماري يمثل أكبر اختراق استخباراتي تعرض له الحوثيون منذ تأسيسهم. وأضاف أن الغماري لم يكن مجرد قائد عسكري، بل رأس المجلس الجهادي الذي يمثل قمة الهرم الإيراني في اليمن، ما يجعل تصفيته ضربة استراتيجية للمشروع الإيراني وليس للحوثيين فقط.
ويرى بكران أن العملية تهز صورة القداسة الزائفة التي بنى عليها عبد الملك الحوثي شرعية قيادته، حيث اعتاد تصوير الجماعة على أنها محصنة "ببركة إلهية". هذا التحول قد يؤدي إلى تراجع الثقة الداخلية بين القيادات القبلية والعسكرية التي تدير المناطق الخاضعة للحوثيين بمبدأ المصلحة لا العقيدة.
وأكد الخبير أن
الغارات السابقة لم تكن عشوائية، بل استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة حول مسارات تهريب الأسلحة والطائرات المسيرة، واستهدفت الموانئ والمطارات والهيئات المدنية لتعطيل مظاهر السيادة الحوثية.
وأشار بكران أيضًا إلى أن إسرائيل لم تستهدف عبد الملك الحوثي مباشرة، إلا أن التمكن من الغماري وضع الجماعة بأكملها تحت المجهر، خاصة أن الغماري كان مسؤولًا عن الملفات الأمنية العليا والتنسيق مع إيران وحزب الله، أي كان صلة الوصل بين القيادة والعمليات الميدانية.
ويضيف بكران أن المداني قوي قبليًا وله حضور داخل التنظيم، لكنه ليس بمنأى عن المصير نفسه، فالاستخبارات
الإسرائيلية باتت تعرف بنية الجماعة الداخلية جيدًا، مما يزيد من الضغط على القيادة الحوثية في صنعاء.