رأى خبير الموارد المائية المصري الدكتور عباس شراقي أنّ افتتاح سدّ النهضة الإثيوبي كشف عن "فشل فني واضح"، مؤكداً أنّ المشروع لم يصل بعد إلى مرحلة التشغيل الكامل، ما تسبب بفيضانات صناعية ألحقت أضراراً فادحة بالسودان وتهديدات مباشرة لمصر.
وقال شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة
القاهرة، في حديث تلفزيوني، إنّ الإدارة
الإثيوبية "تتعامل مع السدّ بعشوائية خطيرة"، معتبراً أن الحلّ الوحيد يكمن في "إدارة ثلاثية مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا"، مشيداً بدور مفيض توشكى الذي شكّل "
خط الدفاع الأول" ضد أي كوارث مائية خلال العقود الستة الماضية.
وأشار إلى أنّ إثيوبيا أجّلت الافتتاح عاماً كاملاً بعد إعلانها اكتمال الملء الخامس في أيلول 2024، بهدف تركيب تسع توربينات إضافية، بعدما فشلت أربع توربينات سابقة في العمل بالكفاءة المطلوبة. وأضاف أنّ أديس أبابا اضطرت إلى افتتاح السدّ دون تشغيل معظم التوربينات، ما أجبرها على فتح بوابات المفيض لتصريف المياه الزائدة دون إنتاج كهرباء، في خطوة "هدفت إلى إخفاء الإخفاق أمام الرأي العام الإثيوبي".
وأوضح شراقي أنّ هذه الخطوة تسببت في فيضان صناعي نهاية أيلول، بلغ تصريفه نحو 750 مليون متر مكعب يومياً، ما أغرق مناطق واسعة في
السودان وهدد سدّ الروصيرص الذي لا يحتمل أكثر من 600 مليون متر مكعب يومياً.
ورغم أن سدّ النهضة يُعدّ أضخم مشروع هيدروليكي في
أفريقيا بتكلفة تجاوزت خمسة مليارات دولار، وبقدرة إنتاج كهرباء تفوق 5000 ميغاواط، إلا أنّه، وفق شراقي، أصبح "مصدر قلق إقليمي" بعدما حجز نحو 64 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق دون تنسيق مع دول المصب، مخالفاً اتفاقية 1959 التي تضمن لمصر 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.
ودعا الخبير المصري إلى "العودة إلى طاولة الحوار"، مؤكداً أنّ المياه "ليست مجالاً للمناورات السياسية، بل قضية حياة وجودية".