وتبرز مبادرة إعادة انتشار الدوريات الروسية في الجنوب السوري كخيار مطروح، نظرا لما تحمله من إمكانية إعادة ترتيب التوازنات الميدانية وتقليص احتمالات التصعيد.
وذكرت وسائل إعلام أن الرئيس السوريّ أحمد
الشرع ناقش هذا المقترح مع نظيره الروسي
فلاديمير بوتين خلال زيارته الأخيرة إلى
موسكو، في خطوة تسعى من خلالها دمشق إلى تجنّب الانفجار في الجنوب، عبر آلية سبق أن اختبرتها في عهد النظام المخلوع.
وتنسجم هذه الآلية مع مساعي موسكو للحفاظ على نفوذها، ومع تطلّعات الحكومة
السورية الجديدة لترسيخ الاستقرار دون صدام مباشر مع
إسرائيل.
ولا يمثل الانتشار الروسي في الجنوب مجرد ترتيبات أمنية ظرفية بالنسبة لسوريا، بل يمنح الفرصة لتقليص الاعتداءات
الإسرائيلية المتكررة، واستعادة السيطرة التدريجية على واحدة من أكثر الجبهات هشاشة وتعقيدا منذ بداية الأزمة.
وسبق أن ذكرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن السلطات السورية تبدي اهتماما باستئناف دوريات الشرطة العسكرية الروسية في محافظات الجنوب، على غرار ما كان عليه الوضع قبل إسقاط النظام المخلوع.
ونقلت الصحيفة عن مصدر حضر لقاء
وزير الخارجية أسعد الشيباني، مع الجالية السورية في موسكو نهاية تموز الماضي، أن دمشق ترى في هذا الطرح وسيلة فعالة لـ"تقليص العمليات العسكرية الإسرائيلية" التي تُنفذ بذريعة إقامة منطقة عازلة أو لحماية الطائفة الدرزية في الجنوب السوري.
وكانت هذه المعلومات في البداية جزءا من تسريبات روسية سبقت زيارة الشرع إلى موسكو، لكنها تتقاطع مع ما نشرته وكالة رويترز نقلا عن مصادر سورية، أشارت إلى أن الوفد السوري الذي زار
روسيا سعى إلى ضمانات من موسكو، أبرزها:
وفي هذا السياق، يقول الخبير في العلاقات السورية الإسرائيلية، خالد خليل إن دمشق تحاول من خلال هذه الدوريات إعادة ضبط علاقتها مع موسكو ضمن رؤية جديدة للدور الروسي في الجنوب، لا يقتصر فقط على التهدئة، بل يشكّل مظلة توازن في مرحلة دقيقة.
ويتابع خليل أن دمشق تحاول في هذه المرحلة الانتقالية، وفي ظل محدودية الموارد وصعوبة الظرف الداخلي ألا تفرّط بسيادتها على الجنوب، لكنها في المقابل تواجه عنجهية إسرائيلية واعتداءات متكررة، مما يجعل فكرة الانتشار الروسي خيارا واقعيا ومقبولا، كجزء من إستراتيجية فرض السيادة عبر أدوات متاحة، دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة. (الجزيرة)