تشهد مناطق واسعة من العالم، خصوصًا بحر البلطيق، موجة متزايدة من التشويش والتلاعب بإشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، في ظاهرة تهدد سلامة الطيران المدني وتثير قلقًا دوليًا متصاعدًا.
بحسب تقرير نشرته الكاتبة إليزابيث براو في مجلة فورين بوليسي، سجّلت
السويد خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري نحو 123 ألف حالة تشويش أو تضليل، وأُصيبت ربع الرحلات الجوية في مجالها الجوي بهذه الاضطرابات. كما امتدت الظاهرة إلى فنلندا وبولندا ومضيق هرمز والبحر الأحمر والبحر الأسود والحدود بين
الهند وباكستان.
وتوضح براو أن الطيران فوق هذه المناطق لم يعد كما كان، إذ يواجه الطيارون تحديات غير مسبوقة بينما لا يلاحظ الركاب شيئًا. فالتلاعب بالإشارات يجعل الطيارين يشكّون في مواقعهم الحقيقية ويزيد من خطر دخولهم أجواء دول أخرى عن طريق الخطأ، كما حدث لطائرة مدنية فوق
بغداد عام 2023.
وتنقل الكاتبة عن تانيا هارتر، رئيسة رابطة الطيارين
الأوروبيين، قولها: “لم نشهد من قبل هذا الكم من التشويش، إنه يجعل العمل أكثر تعقيدًا ويضاعف احتمال الخطأ.”
أما مايكل فيلوكس، أستاذ الطيران في جامعة زيورخ، فيحذر من أن الطيار المرهق قد يخلط بين التحذيرات الحقيقية وتلك الناتجة عن التشويش، ما يزيد الخطر أثناء الرحلات الطويلة.
وتلفت "براو" إلى أن التضليل أشدّ خطورة من التشويش، لأنه يُظهر الطائرة في موقع خاطئ ويُضلل أنظمة المراقبة، وقد يتسبب في حوادث كارثية.
وتشير إلى أن
روسيا يُرجّح وقوفها وراء الهجمات في منطقة البلطيق، بينما تبقى الجهة المسؤولة في مناطق أخرى غامضة، لافتة إلى أن هذا النوع من العمليات يتطلب قدرات تكنولوجية لا تملكها إلا الدول.
وتختتم الكاتبة بالتحذير من أن استمرار هذه الهجمات دون ردّ دولي منسق سيحوّل السماء إلى “منطقة غموض خطيرة”، داعية إلى تعاون عالمي لحماية الملاحة الفضائية، لأن “سلامة الطواقم والمسافرين مبدأ لا يمكن الاختلاف عليه”.