في مقال نشرته
صحيفة الغارديان البريطانية، تناولت الكاتبة نسرين مالك مأساة مدينة الفاشر في إقليم دارفور بالسودان، بعد سقوطها بيد
قوات الدعم السريع عقب حصار دام أكثر من عام ونصف.
وأوضحت مالك أن ما أعقب سقوط المدينة يُعد كارثة إنسانية وجريمة إبادة جماعية، إذ وثّقت تقارير ميدانية وقوع مجازر ضد المدنيين شملت المستشفيات ومراكز الإيواء، إضافة إلى إعدامات ميدانية وعمليات تطهير عرقي.
وأشارت إلى أن صور الأقمار الصناعية أظهرت آثار الدماء والدمار، في مشهد يعيد إلى الأذهان بدايات الإبادة الرواندية، مؤكدة أن ما يحدث لم يكن مفاجئًا بل متوقعًا منذ شهور.
الفاشر، التي كانت تؤوي أكثر من مليون نازح فرّوا من مناطق دارفور الأخرى، وجدت نفسها من جديد محاصرة بالجوع والخوف والموت، في وقت ترى فيه الكاتبة أن سقوط المدينة يمثل تحولًا خطيرًا في مسار الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتشير مالك إلى أن الصراع لم يعد بين جيش نظامي ومليشيا خارجة عن السيطرة، بل أصبح بين قوتين متكافئتين في العتاد والدعم الخارجي، مما جعله أكثر دمويّة وتعقيدًا، مشيرة إلى أن عدد القتلى تجاوز 150 ألف شخص وأن أكثر من 30 مليون
سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وتحمّل الكاتبة إحدى الدول الإقليمية المسؤولية عن تمويل وتسليح قوات الدعم السريع، ما منحها نفوذًا اقتصاديًا وسياسيًا متزايدًا في
السودان، خصوصًا عبر السيطرة على ذهب دارفور ومناطق التعدين.
كما تتهم
المجتمع الدولي، خصوصًا
بريطانيا والولايات المتحدة، بـ“التواطؤ بالصمت”، مفضّلتين حماية مصالحهما على اتخاذ موقف من الجرائم الموثقة. وتؤكد أن المأساة السودانية ليست منسية بل مهملة عمدًا، في انعكاس لتحوّل السياسة الدولية من الدبلوماسية الأخلاقية إلى براغماتية المصالح.
وفي ختام مقالها، دعت نسرين مالك إلى تحرك عاجل من المجتمع الدولي، محذّرة من أن سكان الفاشر محاصرون في ساحة قتل، وأن كل تأخير في التدخل يعني مزيدًا من الضحايا.
(غارديان)