لم تكد ساعات تمر على إعلان فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك حتى اشتعلت شبكات التواصل ومراكز التحليل السياسي في الولايات المتحدة بموجة من التفاعل والدهشة. فقد تمكّن السياسي الشاب ذو الأصول الهندية والمولود في أوغندا من تحقيق فوز واسع على منافسين مخضرمين في سباق اعتبره مراقبون "زلزالاً انتخابياً" يعكس تغيراً عميقاً في المزاج الأميركي.
وصفت صحف أميركية كبرى النتيجة بأنها "اختراق تاريخي" في واحدة من أكثر المدن رمزية وتأثيراً، مشيرة إلى أن ممداني حصد أكثر من 62% من الأصوات. وجاءت النتيجة رغم الحملة الإعلامية التي قادها
الرئيس دونالد ترامب شخصياً ضده، حيث اتهمه بأنه "يريد تحويل نيويورك إلى مختبر لليسار العالمي". لكن تلك الهجمات ارتدت عكسياً، إذ دفعت قطاعات أوسع من الناخبين إلى الالتفاف حول المرشح الشاب.
ومنذ لحظة إعلان فوزه، غصّت الساحات الافتراضية بهاشتاغات مثل #Mamdani2028 و#FromNYtoDC، في إشارة رمزية إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة. وبدأت شخصيات من الحزب
الديمقراطي تطرح اسمه في دوائر مغلقة كوجه محتمل للانتخابات المقبلة، في تحوّل يعكس تعطشاً لوجوه جديدة في السياسة الأميركية.
غير أن الطريق من قاعة بلدية نيويورك إلى
البيت الأبيض ليس ممهداً دستورياً، فثمة عقبة قانونية كبرى تُعرف بـ"شرط المولود مواطناً". فبحسب
الدستور الأميركي، لا يحقّ تولي الرئاسة إلا لمن هو "مواطن مولود في الولايات المتحدة". ما يعني عملياً أن ممداني، الذي وُلد خارج الولايات المتحدة ثم حصل على الجنسية لاحقاً، غير مؤهل لخوض السباق الرئاسي ما لم يحدث تعديل دستوري رسمي.
في المقابل، يُجمع الخبراء على أن ديانة ممداني الإسلامية لا تمثل أي عائق قانوني، إذ تنص المادة السادسة من الدستور صراحة على أن "لا يجوز فرض أي اختبار ديني لتولي المناصب العامة". وقد شهدت الولايات المتحدة سوابق مثيرة للجدل حول معنى "المولود مواطناً"، أبرزها السيناتور تيد كروز المولود في كندا.
يبقى فوز ممداني حدثاً يتجاوز حدود نيويورك، حيث أعاد تشكيل صورة القيادة المحلية في أكبر مدينة أميركية وفتح باباً واسعاً للنقاش حول تمثيل المهاجرين. ورأى مراقبون أن صعود ممداني يمثل أول اختبار جدي للنظام السياسي الأميركي في التعامل مع جيل ما بعد الهوية القومية البيضاء، حيث لم تعد السياسة الأميركية حكراً على أبناء النخبة أو المواليد داخل الحدود. (العربية)