كتبت "العربية": فتحت تصريحات
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، حول نية
واشنطن تصنيف "كارتل دي لوس سوليس" Cartel de los Soles (كارتل الشموس) الفنزويلي كـ"منظمة إرهابية" أجنبية مساء أمس الأحد، الباب واسعًا أمام واحدة من أكثر الاتهامات إثارة في النزاع الأميركي-الفنزويلي.
فالكارتل، الذي لطالما أنكر وجوده رسميًا، تحوّل خلال العقدين الأخيرين إلى عنوان لاتهامات متكررة تربط كبار المسؤولين في كاراكاس — وفي مقدمتهم الرئيس نيكولاس مادورو — بشبكات تهريب المخدرات العابرة للحدود.
ويُعد "كارتل الشموس" من أكثر التنظيمات إثارة للجدل في أميركا اللاتينية. اسمه مشتق من "النجوم الشمسية" التي تحملها شارات ضباط الجيش الفنزويلي الكبار.
كما أشارت روايات استخباراتية إلى أن الكارتل تكوّن تدريجيًا في صفوف الحرس الوطني البوليفاري خلال عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز، قبل أن يتمدّد في مؤسسات الأمن والاستخبارات.
إلى ذلك، لا يعمل هذا الكيان بصيغة "منظمات المخدرات الكلاسيكية"، بل يُفترض أنه شبكة غير رسمية تضم ضباطًا ومسؤولين سياسيين يتولون تسهيل مرور شحنات الكوكايين
القادمة من كولومبيا، وتوفير الحماية اللوجستية والغطاء السياسي، واستخدام مطارات عسكرية ونقاط بحرية لنقل المخدرات، إضافة إلى التعاون مع كارتلات كبرى مثل سينالوا المكسيكي وترين دي أراغوا الفنزويلي، بحسب تقارير أميركية.
فيما تتهمه واشنطن بتسيير جزء من المخدرات المتجهة إلى
الولايات المتحدة وأوروبا، وبتأمين أرباح تموّل شبكات فساد داخل النظام الفنزويلي.
وظهر اسم الكارتل لأول مرة عام 2010 عندما كشف منشقون عن تورّط ضباط في تهريب الكوكايين. وتفاقمت الاتهامات عام 2019 بعد توجيه وزارة العدل الأميركية تهمًا رسمية لمادورو وعدد من وزرائه وقادة الجيش، مع مكافأة تصل إلى 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.
كما سبق أن وُجهت اتهامات لديوسدادو كابيو، الرجل الثاني في النظام، ووُصف بأنه "الرأس التنظيمي" للشبكة. ويحافظ النظام الفنزويلي على موقف ثابت ينفي هذه الادعاءات، ويعتبرها "حربًا سياسية هدفها إسقاط الحكومة الاشتراكية".
أتى التلويح بتصنيف الكارتل منظمة إرهابية في لحظة تتصاعد فيها التوترات الجيوسياسية، خصوصًا بعد فشل المفاوضات بشأن الانتخابات الفنزويلية، واستمرار
العقوبات الأميركية، وزيادة النشاط العسكري الأميركي في الكاريبي، فضلا عن اتهامات لواشنطن بمحاولة محاصرة نفوذ
روسيا والصين في فنزويلا.
وتشير تقديرات أميركية إلى أن 83 شخصًا قُتلوا منذ بدء العمليات العسكرية الأميركية في الكاريبي ضد ما تصفه واشنطن بـ"قوارب تهريب المخدرات".
وفي حال صدور القرار رسميًا، ستكون له تبعات واسعة، تشمل تجميد كامل لأصول أي مسؤول فنزويلي مشتبه به، وملاحقة جنائية دولية قد تشمل طلبات توقيف، وتعزيز الوجود العسكري الأميركي في البحر الكاريبي، وإمكانية ضرب أهداف مرتبطة بالكارتل باعتبارها "تهديدًا إرهابيًا"، وكذلك الضغط على الحلفاء لوقف التعامل المالي مع فنزويلا.
كما رأى محللون أن هذا القرار قد يكون أشد إجراءات واشنطن ضد كاراكاس منذ عقوبات 2017، وقد يزيد عزلة النظام الفنزويلي ويقربه أكثر من
موسكو وطهران.
في المقابل، وصفت فنزويلا الخطوة الأميركية بأنها "ذريعة جديدة للإطاحة بمادورو"، وتؤكد أن الولايات المتحدة تستخدم ملف المخدرات "كسلاح سياسي" تمامًا كما فعلت في كولومبيا وبنما سابقًا.
يشار إلى أن روبيو قال في بيانه الأخير، إن مادورو وعددًا من كبار قادة الجيش والاستخبارات يقودون الكارتل و"أفسدوا مؤسسات الدولة، من البرلمان إلى
القضاء".
كما أفاد بأن كارتل الشموس، بالتنسيق مع منظمات مخدرات مصنفة إرهابية، يشارك في "أعمال عنف إرهابية عبر النصف
الغربي للكرة الأرضية".
أتت هذه التصريحات في وقت رفعت فيه إدارة واشنطن مستوى الضغط العسكري، عبر إرسال تعزيزات بحرية ضخمة إلى منطقة الكاريبي بزعم مكافحة تهريب المخدرات. وهي خطوة وصفها مادورو بأنها "غطاء لغزو محتمل"، بينما تعتبرها واشنطن ضرورة لـ"قطع طرق التجارة السرية" التي تستفيد منها شبكات الجريمة المنظمة.