تبدو فصائل المقاومة
الفلسطينية وكأنها تتجه نحو تثبيت قواعد اشتباك جديدة في حال بقيت
إسرائيل خارج إطار الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تعثر المساعي التي يقودها الوسطاء والضامنون لضبط الخروقات.
فقد وصل وفد رفيع من حركة حماس إلى القاهرة أمس الأحد لإجراء محادثات شملت تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق والواقع الميداني في القطاع.
وبحسب المتحدث باسم الحركة حازم قاسم، تناولت الاجتماعات مع رئيس المخابرات
المصرية حسن رشاد كيفية إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها، في ظل تعقيدات تحيط بمسار المرحلة المقبلة. وأكد الوفد في بيانه ضرورة أن تعمل القوة الدولية المزمع تشكيلها كجهة فصل بين
الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني أن هذه الجولة من المحادثات تعكس شعور المقاومة بأن إسرائيل تحاول إطالة المرحلة الأولى من الاتفاق وفرض وقائع جديدة على المرحلة الثانية، بما يُبقي القطاع في حالة "اللاسلم واللاحرب" لإعادة صياغة عدوانها ضمن إطار الاتفاق.
ويشير الطناني إلى أن تشكيل الوفد الذي ضم شخصيات قيادية بارزة مثل محمد درويش، خالد مشعل، خليل الحية وآخرين، يعكس رغبة في حسم الموقف ووقف المناورات
الإسرائيلية.
وتزامن وجود الوفد القيادي لحماس في القاهرة مع حضور قادة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، ما يدل وفق الطناني على توافق بين الفصائل على ضرورة إنهاء الواقع الذي تريد إسرائيل فرضه.
ويتوقع أن تتعامل المقاومة في المرحلة المقبلة مع الخروقات الإسرائيلية بآلية مختلفة، سواء ميدانياً أو عبر الضغط السياسي على الوسطاء، مؤكداً أن استمرار تمرير هذه الخروقات دون رد بات أمراً مستبعداً.
كما يرجّح الطناني أن ملف إدارة قطاع غزة كان مطروحاً على طاولة البحث، بما في ذلك إمكانية نقل صلاحيات إدارة القطاع من حماس إلى لجنة فلسطينية أوسع، في محاولة لنزع الذرائع التي يستخدمها الاحتلال لتبرير هجماته الإنسانية والميدانية.
في المقابل، يقدم الخبير في الشأن
الإسرائيلي عادل شديد قراءة مختلفة للدوافع الإسرائيلية، إذ يعتبر أن تل أبيب تتعامل مع خروقاتها باعتبارها جزءاً من الاتفاق نفسه، ما دام يمنحها هامش القصف والتدمير والضغط الإنساني.
ويشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يمارس ضغطاً واضحاً على المستوى السياسي للإبقاء على انتشاره في القطاع، مع محاولة نقل مسؤولية إدارة حياة السكان إلى جهة بديلة يجري تشكيلها.
ويؤكد شديد أن حكومة بنيامين نتنياهو ما زالت متمسكة بأهداف الحرب من تهجير واستيطان، وأن قطاعات واسعة داخل الحكومة تراهن على أن تقليص المساعدات وتكثيف العمليات سيدفع السكان نحو ما تسميه إسرائيل "الهجرة الطوعية".
ويرى أن الخروقات مرشحة للزيادة في ظل الغطاء الأميركي، وأن نتنياهو يحاول إظهار نفسه كصاحب القرار في غزة رغم أن القرار الحقيقي بيد واشنطن.
ويخلص شديد إلى أن نتنياهو يسعى لإيصال رسالة مباشرة لحماس بأن مصيرها لن يكون أفضل من التجربة
اللبنانية مع
حزب الله، وأن إسرائيل قادرة على فرض واقع مشابه في غزة ما لم تتحرك
الولايات المتحدة لوقف هذا المسار.
(الجزيرة)