تتصدر منطقة المحيطين الهندي والهادئ أولويات استراتيجية عالمية، حيث تتنافس القوى الكبرى على النفوذ البحري والتكنولوجي والاقتصادي.
في هذا السياق، يقترح الخبراء إقامة إطار عمل ثلاثي يضم أستراليا وإندونيسيا ونيوزيلندا لتعزيز الأمن البحري وحماية السيادة الوطنية دون الانخراط الكامل في تحالفات عسكرية تقليدية.
يشهد بحر ناتونا، على سبيل المثال، أكثر من أربعين حادثة دخول سفن غير مصرح بها منذ بداية 2025، ما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للتعاون البحري، بحسب صحيفة "أوراسيا ريفيو".
ويتيح الإطار ثلاثي الأطراف للدول المشاركة إجراء مناورات بحرية مشتركة، وتعزيز المراقبة والاستجابة الإنسانية، وإدارة العمليات في المنطقة الرمادية، مع احترام مواقف كل دولة، لا سيما رفض إندونيسيا الانضمام لتحالفات عسكرية تقليدية.
كما يشمل الإطار برامج دعم أستراليا لتحديث البحرية الإندونيسية، وتقديم نيوزيلندا خبرتها في الحوكمة البحرية، لضمان تكامل القدرات الدفاعية وحماية السيادة الوطنية، مع منع ازدواجية العمل بين الوكالات المختلفة.
يشكل التنويع الاقتصادي والقدرة على التحول الأخضر أحد الأعمدة الأساسية للإطار الثلاثي.
تتصدر إندونيسيا المشهد في تصنيع البطاريات من النيكل، بينما تساهم أستراليا بالليثيوم، ونيوزيلندا بخبرتها في الطاقة المتجددة، ما يمكّن الدول الثلاث من إنشاء سلسلة إمداد مستدامة تقلل الاعتماد على
الصين وتعزز الحوكمة الذاتية الإقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، يسهم التعاون الرقمي في تعزيز الاستقلالية الاقتصادية. فمن خلال شبكات الأمن السيبراني، والبنية التحتية الرقمية، وأنظمة تنظيم التكنولوجيا المالية، يمكن للدول الثلاث تطوير معايير رقمية إقليمية، تحمي البيانات وتدعم التجارة الإلكترونية، وتوقف التشرذم التكنولوجي، مع الحفاظ على القدرة على الابتكار واستغلال الفرص الاقتصادية.
تلعب نيوزيلندا دورًا محوريًا في القيادة المناخية، بينما تتلقى إندونيسيا دعمًا ماليًا من دول مجموعة السبع لإتمام التحول إلى الطاقة النظيفة، رغم الاعتماد الكبير على الفحم والمعارضة المجتمعية.
ويتيح الإطار الثلاثي الجمع بين التمويل الميسر، وتبادل التكنولوجيا، والبرامج المجتمعية لدعم التحول الأخضر، ما يعزز مكانة الدول الثلاث كقوى قيادية متوسطة قادرة على فرض المعايير الإقليمية في الحوكمة البحرية والتنمية المستدامة والابتكار الرقمي.
ويتيح هذا التعاون المشترك للدول الثلاث تعزيز حضورها في منتديات مثل قمة شرق
آسيا، ورابطة دول حوض المحيط الهندي، واجتماعات آسيان، مع صياغة مواقف موحدة تحمي مصالحها الإقليمية وتحد من تأثير القوى الكبرى.
وبهذا، يصبح الإطار الثلاثي نموذجًا عمليًا للقيادة المتوسطة، يجمع بين التحديث الدفاعي، التنويع الاقتصادي، السيادة الرقمية، والدبلوماسية المناخية لضمان استقرار واستدامة منطقة المحيطين الهندي والهادئ. (ارم نيوز)