أكد مسؤولون إيرانيون أن طهران فقدت السيطرة العملياتية على جماعة الحوثيين في اليمن، في اعتراف رسمي يعكس، وفق توصيفهم، أن إيران "تكافح بائسة" للحفاظ على تماسك ما تبقّى من قوات ما يُسمّى بـ"محور المقاومة" في الشرق الأوسط.
ونقلت صحيفة "التليغراف"
البريطانية عن هؤلاء المسؤولين قولهم إن الحوثيين، الذين يواصلون بشكل منتظم استهداف ممرات الشحن الدولية، لم يعودوا يتلقّون الأوامر من طهران كما في السابق، في إشارة إلى تزايد هامش استقلالية الجماعة عن القيادة
الإيرانية.
وأوضح مسؤول إيراني أن الحوثيين "خرجوا عن السيطرة" ويتصرفون الآن كـ"متمردين" في كل شيء، وأنهم "ينصتون إلى طهران أقل بكثير من ذي قبل".
وأضاف: "لا يقتصر هذا التوجه على اليمن؛ إذ تعمل بعض الميليشيات في العراق أيضًا بشكل مستقل، متجاهلة تمامًا تعليمات إيران الصريحة بوقف التدريب العسكري حتى يهدأ الوضع الإقليمي".
ووفقًا لما نقلته الصحيفة البريطانية عن المصادر ذاتها، يؤشر واقع تمرد الحوثيين على إيران إلى فقدان طهران آخر قوة مؤثرة تابعة لها في المنطقة، بعد أن دمرت
إسرائيل القيادة العليا لحزب الله، وانقطعت سبل التواصل مع ما تبقى من حماس بسبب الحصار المفروض على غزة.
ويعد انهيار السيطرة بالوكالة تحولًا جوهريًّا في الموقف الإقليمي للنظام
الإيراني، مما يجبر طهران على التعامل مع تفكك استراتيجية استمرت أربعة عقود، وارتكزت على فرض القوة من خلال الوكلاء.
وفي محاولة بائسة لاستعادة المحور وتهدئة المتمردين، وصل القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني، عبد الرضا شهلاهي، إلى صنعاء الأسبوع الماضي.
شهلاهي، قائد فيلق القدس المطلوب من
الولايات المتحدة بمكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، تم إيفاده إلى اليمن لمعالجة الأزمة، والضغط على الحوثيين للتعاون، كونهم الجماعة الوحيدة الفاعلة المتبقية.
لكن تقريرًا يمنيًّا أكد أن "الحرس الثوري الإيراني لا يملأ الفراغ الاستراتيجي، ويمثل انعكاسًا للارتباك السائد في طهران".
وتقول "تليغراف"، إن "الخلاف بين الطرفين (الحوثيين وإيران) بدأ منذ نيسان الماضي، عندما امتنعت طهران عن تقديم الدعم للحوثيين خلال الهجمات الأمريكية العنيفة خوفًا من الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة".
وأوضح محمود شحرة، الدبلوماسي اليمني السابق، للصحيفة البريطانية، أن "الحوثيين لديهم أدبياتهم ورواياتهم ومعتقداتهم الخاصة، ولا يحتاجون إلى تشجيع خارجي لتصعيد الموقف".
وأضاف: "الحوثيون يسيطرون على صنعاء، ويطبعون النقود، ويجمعون الضرائب، ويهربون المخدرات، ويبيعون الأسلحة للجماعات الإرهابية في إفريقيا".
ويكتسب الحوثيون ميزة جغرافية من خلال التضاريس الجبلية في اليمن، على غرار أفغانستان، وهو ما يمكّنهم من إخفاء الصواريخ والمعدات العسكرية المختلفة في الكهوف والأنفاق.
وأوضح الدكتور بدر السيف من جامعة الكويت، أن "العلاقة الحالية أشبه بـ"امتياز"، حيث يمتلك كل طرف مصالح متضاربة إلى جانب التعاون القائم".
وعلى الصعيد الدولي، قال خبراء، إن "الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة كانت أقل فاعلية مما تفاخر به الرئيس
دونالد ترامب، مدعيًا أنها "دمرت" الحوثيين.
وتقدر تكلفة الحملة التي استمرت عامين، والتي نُفذت في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ثم
ترامب، بما لا يقل عن 7 مليارات دولار. (ارم نيوز)