وافقت المحكمة
العليا الأميركية، الجمعة، على النظر في دستورية محاولة
الرئيس دونالد ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة عبر أمر تنفيذي، في خطوة تفتح الباب أمام إعادة بحث مبدأ يُعدّ راسخًا في القانون الأميركي منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وبقبول
الاستئناف، تدخل المحكمة بشكل مباشر في صلب الجدل الدستوري الذي تجنّبت الخوض فيه سابقًا، بعدما كانت قد انحازت إلى
ترامب لأسباب إجرائية تتعلّق بكيفية تعامل المحاكم الأدنى مع الطعون المقدّمة ضد سياسته.
وقالت المديرة القانونية الوطنية للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، سيسيليا وانغ، إن المنظمة تتطلع إلى أن "تضع المحكمة العليا حدًا نهائيًا لهذه القضية"، مضيفة أن "المحاكم الفيدرالية أجمعت على أن الأمر التنفيذي لترامب يتعارض مع
الدستور، ومع حكم صادر عن المحكمة العليا عام 1898، إضافة إلى قانون أقرّه الكونغرس".
ورغم أن الطروحات القانونية التي تبنّتها إدارة ترامب وُصفت طويلاً بأنها هامشية، حتى لدى عدد من المحافظين، فإن القضية يُتوقع أن تستقطب اهتمامًا واسعًا خلال دورة المحكمة الحالية التي بدأت هذا الخريف، باعتبارها اختبارًا جديدًا لمدى استعداد المحكمة لتبنّي تفسيرات قانونية متشددة مصدرها
البيت الأبيض.
ويُحذّر خبراء من أن أي حكم يصبّ في مصلحة ترامب من شأنه أن يقلب مبدأً راسخًا في الدستور وقانون الهجرة الأميركي، وقد يترتّب عليه تداعيات عملية كبيرة، أبرزها تعقيد إجراءات توثيق مواليد جدد داخل
الولايات المتحدة.
ومن المقرّر أن تستمع المحكمة إلى المرافعات العام المقبل، على أن يُصدر الحكم النهائي على الأرجح بحلول نهاية شهر حزيران.
وقال محلل شؤون المحكمة العليا في شبكة CNN وأستاذ القانون في جامعة
جورج تاون، ستيف فلاديك، إن إدارة ترامب «أخطأت ببساطة» في سعيها إلى «تضييق نطاق حق المواطنة بالولادة عبر أمر تنفيذي».
ويستند الجدل الدستوري إلى التعديل الرابع عشر الذي أُقرّ عام 1868، والذي حسمته المحكمة العليا بعد عقدين في قضية "الولايات المتحدة ضد وونغ كيم آرك" عام 1898، حين قضت بأن كل من يُولد على الأراضي الأميركية يستحق الجنسية، بمن فيهم أبناء المهاجرين، مع استثناءات محدودة. غير أن إدارة ترامب جادلت في استئنافها بأن هذا التفسير "أُسيء فهمه منذ زمن طويل".
وفي هذا السياق، أبلغت الإدارة المحكمة العليا أن هذا المفهوم "خاطئ" وله "عواقب وخيمة"، معتبرة أن بند الجنسية في التعديل الرابع عشر وُضع أساسًا لمنح الجنسية للعبيد المحررين حديثًا وأطفالهم، وليس لأبناء الزائرين المؤقتين أو المهاجرين غير النظاميين.
ويُشار إلى أن المحكمة العليا كانت قد أصدرت في حزيران الماضي قرارًا تناول أمر ترامب المتعلق بالمواطنة بالولادة، لكنه اقتصر على الجوانب الإجرائية المرتبطة بسلطات المحاكم الأدنى في وقف سياسات رئاسية، حيث قيّدت المحكمة بأغلبية 6-3 هذه الصلاحيات، من دون إلغائها بالكامل.