كتب موقع "الجزيرة مباشر":
يهبّ المنخفض الجوي على قطاع غزة كضيف ثقيل لا يطرق الأبواب، بل يقتلع كل ما تبقّى للعائلات النازحة التي تواجه العجز أمام مياه تسللت بلا رحمة فابتلّت الأغطية، وتبدّد ما تبقّى من أمان.
وبأيد صغيرة أثقلها البرد قبل التعب، تحمل طفلتان أوعية من الرمل، لا للعب، بل لمحاولة أخيرة لصدّ المطر. تقفان إلى جانب والدهما، يبنيان سدا هشّا لعلهم يحمون خيمتهم من الغرق. مشهد تختلط فيه البراءة بالمسؤولية القاسية، حيث تتحول الطفولة إلى خط دفاع، ويصبح هذا السد الهش أملا مؤقتا في النجاة.
على منصات التواصل الرقمية يواصل الغزيون
التعبير عن معاناتهم بسبب الأمطار الغزيرة وغرق الخيام، ناقلين حجم المأساة التي تتكرر مع كل موجة مطر، وكتب محمد شكري "يجتمع على غزة الآن القصف والغرق، والانفجار والرعد، والغارات والبرق.. الله حسبنا ونعم الوكيل".
وعلّق حمادة “احكوا عنّا… احنا في غزة مفش حدا سامع صوتنا احنا بردانين… الليل بيوجع، والبرد بيدقّ في العظم. احنا بنرتجف ومحدا سامع. احنا بنموت من البرد".
وعلّق عمر العطل "فقط في غزة تستعدّ لمنخفض جوي؛ ترفع السواتر الترابية وتشُدّ الخيمة جيدا، وما إن تبدأ أولى ساعات المطر حتى تغرق الخيمة ويجرف السيل كل شيء.. تهرب من الغرق لتلجأ إلى بيتٍ قُصف جزئيا، لعلّه يقيك البرد والمطر وفجأة ينهار البيت على أهلك. هذه ليست رواية… هذا واقع مرير، وجحيم يُعاش كل يوم".
الأطفال تتجمد
في غزة، لم يعد البرد قسوة عابرة، بل سببا مباشرا لموت الأطفال. هديل حمدان وتيم الخواجا، اسمان لم تكتمل حكاياتهما، توقفت عند برد كان أقسى من أعمارهما. أطفال ماتوا بسبب البرد، خرجوا من الدنيا كما دخلوها: بلا دفء، بلا جدران. لم تهزمهم الحرب وحدها، بل صقيع تسلل إلى أجسادهم الصغيرة حتى أوقف أنفاسهم.
هم ليسوا أرقاما في خبر، بل جرح مفتوح يفضح مرارة واقع يُترك فيه أطفال غزة وحيدين في مواجهة البرد. وفاة عدد من الأطفال بسبب البرد القارس، فجّر موجة غضب واسعة بين المدوّنين.
كتبت نجوى ظاهر "استُشهد الرضيع تيم الخواجا بمخيم الشاطئ بردا؛ ولحقت به الطفلة هديل المصري 9 سنوات، طفلة كان يفترض أن تملأ سماء غزة ضحكا، لا أن تُطفئها قبضة الصقيع تحت خيمة بالية، سيُحصي قطاع غزة
شهداء البرد القاتل واحدا تلو الآخر ما دام
الاحتلال موغلا في حصاره".
ودوّن بلال نزار ريان"هؤلاء فلذات أكبادنا، خذلتموهم وهم غارقون في
الدم فلا تخذلوهم وهم اليوم غرقى في مياه الأمطار اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل”، ودوّن الصحفي إسلام بدر "متى سنتوقف عن دفن أطفالنا!".
انهيار المنازل
المنخفض الجوي أدى أيضا إلى تحول المنازل المقصوفة في غزة إلى خطر قاتل. فلسطينيون عادوا للسكن داخل بيوت مدمرة هربا من برد الخيام ومطرها، فواجهوا الموت تحت أنقاضها.
ففي جباليا، انهار منزل متضرر كانت تحتمي فيه عائلة بدران من الأمطار، على ساكنيه ليتحول إلى أنقاض ويُستشهد 6 من العائلة من بين 14 فلسطينيا جراء انهيار عدد من المنازل منذ بدء المنخفض الجوي.
وتعليقا على المأساة المستمرة لانهيارات المباني المقصوفة في غزة، كتب مصعب الشريف "لا فرق بين القصف والانهيار، فكليهما يحصد الموت ويزرع الإصابات ويمحو الأرواح".
وكتبت الصحفية يسرا العكلوك "مبانٍ تنهار فوق رؤوس من احتموا بها، أطفال يموتون من البرد حرفيا، ومخيمات بأكملها تتحوّل إلى مستنقع من الطين والصرف الصحي! هذه كارثة كاملة تتفجّر الآن.. كارثة يفنى بها الناس تحت وطأة صمت العالم".
ودوّن الصحفي عماد زقوت "لكِ الله يا غزة.. ضحاياكِ في كل وقت وحين؛ في حرب وإبادة جماعية، وفي حصار وتجويع، وها هو المنخفض الجوي يكشف حجم الانهيار الكامل للبُنى التحتية والفوقية، ليحصد أرواحا أرهقها كل شيء.. رحم الله
الشهداء، ولطف بأهل غزة المنهكين".