تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

خاص

ما الذي لا تزال الولايات المتحدة تفعله في سوريا؟.. تقرير أميركي يكشف

ترجمة رنا قرعة قربان - Rana Karaa Korban

|
Lebanon 24
17-12-2025 | 05:30
A-
A+
Doc-P-1456353-639015628114818241.webp
Doc-P-1456353-639015628114818241.webp photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
ذكر موقع "National Security Journal" الأميركي أن "مقتل جنود ومتعاقدين أميركيين في سوريا مؤخراً يكشف عن هشاشة عملية فقدت منذ زمن طويل تماسكها الاستراتيجي، كما وتُظهر هذه المجازر المأسوية خللاً في موازين القوى الإقليمية. من منظور التنافس بين القوى العظمى، لا تحتاج واشنطن إلى وجود قوات برية في سوريا لضمان تحقيق نتائج مواتية للولايات المتحدة، فالقوى الكبرى في المنطقة، كتركيا، وإسرائيل، وإيران، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، تسعى بالفعل لتحقيق مصالحها الخاصة بطرق تُحبط قدرة أي طرف منفرد على ترسيخ هيمنته على بلاد الشام. إن تفاعل هذه القوى معاً تفرض توازناً ناشئاً للقوى، وإن لم يكن منظماً تماماً، إلا أنه يعزز المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وإن كانت ضئيلة، ولكنها دائمة: إبقاء الشرق الأوسط مجزأً بدلاً من توحيده تحت سيطرة قوة معادية، ومنع ظهور قوة إقليمية مهيمنة، وضمان عدم إمكانية استخدام الشرق الأوسط كسلاح لإكراه النظام العالمي".

وبحسب الموقع، "تُشكّل تركيا جزءاً كبيراً من هذه المعادلة، فهي لا تزال رسمياً حليفاً للولايات المتحدة، لكنها عملياً تتبع الآن استراتيجية كبرى تتشكل بفعل تعدد التحالفات وما يصفه الكثيرون بـ"العثمانية الجديدة". ومهما كانت دوافع أنقرة، فقد كان أثر تدخلها في شمال سوريا هو محاصرة كل من إيران وروسيا على طول حدود تعتبرها حيوية لأمنها. إن تنافس تركيا مع إيران في هذا المجال لا يتماشى مع التفضيلات الأميركية، ومع ذلك فإنه لا يزال يقيد قدرة طهران على بسط نفوذها غرباً. وتُحدث علاقة تركيا الأكثر تعقيداً مع روسيا أثراً مماثلاً على موقف موسكو في سوريا، إذ تجعله مشروطاً لا مطلقاً. وتُراقب أنقرة كلا القوتين لأسبابها الخاصة، لكنها بذلك تُسهم في ترسيخ بيئة لا يستطيع فيها أي طرف خارجي بمفرده ترسيخ سيطرته بسهولة".

وتابع الموقع، "تُفاقم إسرائيل هذا التوجه من زاوية مختلفة، فقد كانت حملتها لاحتواء القدرات العسكرية الإيرانية وإضعافها في سوريا متواصلة ودؤوبة لأكثر من عقد من الزمان، وبمعزل عن الموقف التكتيكي لواشنطن على الأرض. في الواقع، لا تحتاج إسرائيل إلى القوات الأميركية في سوريا لتنفيذ هذه العمليات، فهي تمتلك المعلومات الاستخباراتية والقوة الجوية اللازمة للقيام بذلك بمفردها. وأدت هذه القدرة الأحادية إلى زيادة التكاليف وتقليل فرص بقاء الوجود الإيراني في سوريا. وبالنسبة للاستراتيجية الأميركية، فإن ما يهم ليس التنسيق الدبلوماسي المحيط بهذه الضربات، بل تأثيرها الهيكلي: فمحاولة إيران استخدام سوريا كعمق استراتيجي موثوق به تواجه اضطراباً عسكرياً مستمراً وذا صدقية".

وأضاف الموقع، "إيران نفسها ليست لاعباً هامشياً في هذا التنافس، لكن موقعها داخل سوريا يعكس مفاوضات مستمرة بين دول قوية أخرى، بدلاً من زحفٍ حرّ نحو الشرق. وتعمل طهران من خلال وكلاء وشركاء محليين، لكن نفوذها محل نزاع من قبل العمليات الإسرائيلية، والأهداف الإقليمية التركية، والمصلحة الروسية في البقاء القوة الخارجية المهيمنة في دمشق. لا تنسق هذه القوى ضد إيران، لكنها تتقاطع بطرق تفرض قيوداً على حرية طهران في العمل، والنتيجة هي نمط من التفاعل تكون فيه إيران مؤثرة، لكنها تخضع لردود فعل قوية من جهات متعددة". 

وبحسب الموقع، "تُضيف دول الخليج بُعداً آخر من التعقيد إلى هذا التفاعل. فقد تراجعت السعودية والإمارات منذ زمن طويل عن محاولاتهما المباشرة للتأثير على ساحة المعركة في سوريا، ومع ذلك، لا يزال موقفهما الإقليمي يُقيّد قدرة إيران على تحويل مكاسبها في سوريا إلى نفوذ إقليمي أوسع. إن تبادلهم للمعلومات الاستخباراتية مع الشركاء الغربيين، وحذرهم المستمر من نوايا إيران الإقليمية، وقدرتهم على دعم البدائل السياسية والاقتصادية للنفوذ الإيراني في أماكن مثل العراق ولبنان، تضمن أن يتم التنازع على نفوذ طهران على جبهات متعددة. إن السياسات السعودية والإماراتية نتاج لمصالحهما الخاصة، وليست بتوجيهات أميركية. ومع ذلك، غالباً ما تتلاقى الحوافز الاستراتيجية للدولتين مع هدف واشنطن المتمثل في منع إيران من ترسيخ مكانة إقليمية مهيمنة".

وتابع الموقع، "من هذا المنطلق، فإن ديناميكية الوضع في سوريا ليست نتيجةً لإدارة الولايات المتحدة بقدر ما هي نتاج سلوكيات قوى إقليمية تسعى لتحقيق مصالحها الذاتية. فلا تملك أي من الدول المعنية بمفردها القوة الكافية لفرض نظام بشروطها الخاصة، ومع ذلك، تتمتع كل دولة في الوقت عينه بالقوة الكافية والتهديد الكافي للتصدي لتجاوزات الدول الأخرى. والنتيجة هي نمط تفاعل غير أنيق، ولكنه مستقر كما هو الحال في الأنظمة المتعددة الأقطاب: فالتوازن لا ينشأ من التنسيق بل من الاحتكاك. وفي مثل هذه البيئة، يُعدّ الوجود البري الأميركي المحدود في سوريا جزءًا هامشيًا من التوازن الأساسي، وتعريضًا غير ضروري للأميركيين لمخاطر لا تُحقق أي عائد استراتيجي ذي قيمة".

وأضاف الموقع، "لطالما انحصرت مصالح واشنطن الأساسية في الشرق الأوسط في منع ظهور قوة مهيمنة معادية، وضمان عدم تشويه الصراعات الإقليمية لتوزيع القوة العالمي. واليوم، لا يعتمد أي من هذين الهدفين على وجود قوات أميركية تقوم بدوريات في وادي نهر الفرات. بإمكان واشنطن الحفاظ على وجود دبلوماسي، وبصمة استخباراتية، وشبكة شراكات مع جهات فاعلة إقليمية، دون ربط صدقيتها الاستراتيجية بمجموعة من المواقع المكشوفة والهشة. في الواقع، تُعدّ القدرة على التخلي عن المهام التي لم تعد تؤثر بشكلٍ فعّال على تحالفات القوى العظمى شرطاً أساسياً لتركيز الموارد الأميركية حيث تشتد الحاجة إليها: في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا، حيث يمتلك المنافسون القدرة الفعلية على تشكيل النظام الدولي".

وبحسب الموقع، "ستظل وفيات أفراد الخدمة الأميركية في سوريا مأسوية دائماً، ولكن لا ينبغي تفسيرها بشكل تلقائي على أنها دليل على وجوب بقاء الولايات المتحدة. فمن منظور استراتيجي، يُظهر الشرق الأوسط نمطاً من التفاعل بين القوى الإقليمية يُعيق مجتمعاً قدرة أي طرف منفرد على ترسيخ نفوذه. هذا التوازن هشّ، وغالبًا ما يكون عنيفًا، ولكنه في الوقت عينه يعزز نفسه بنفسه. وفي مثل هذه البيئة، لا يُعدّ استمرار الوجود العسكري الأميركي في سوريا هو ما يُحقق الاستقرار في المنطقة، بل هو ما يُبقي الولايات المتحدة غارقة في مسرح عمليات لم يعد يُحدد موازين القوى العالمية. إن الاستنتاج الأكثر صدقاً هو أيضاً الأكثر تحفظاً: سوريا لا تحتاج إلى حامية أميركية لتحقيق نتائج تتوافق مع مصالح الولايات المتحدة. تُظهر المنطقة، وللمرة الأولى، علامات على أنها قادرة على القيام بذلك بمفردها". 
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

ترجمة رنا قرعة قربان - Rana Karaa Korban