تصفّح بدون إعلانات واقرأ المقالات الحصرية
|
Advertisement

عربي-دولي

اعتراف إسرائيل بـ"أرض الصومال" يأتي مصحوباً بالمخاطر.. تقرير يكشف ما هي

Lebanon 24
27-12-2025 | 14:00
A-
A+
Doc-P-1460656-639024582615663876.png
Doc-P-1460656-639024582615663876.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
كتب موقع المجلة:
في خطوةٍ تُنهي أكثر من ثلاثة عقود من الجمود الدبلوماسي، اعترفت إسرائيل رسمياً بصوماليلاند دولةً مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها هرجيسا. وهذه هي المرة الأولى التي تُمنح فيها دولة عضو في الأمم المتحدة مثل هذا الاعتراف.

وقد صدر إعلان 26 كانون الأول من خلال "إعلان القدس" المشترك الذي وقعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله "إيرو".

أعلن عبد الله في بيان له أن أرض الصومال ستنضم إلى اتفاقيات إبراهيم، واصفاً إياها بأنها "خطوة نحو السلام الإقليمي والعالمي". وتنص الاتفاقية على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الكيانين، بما في ذلك تبادل السفراء.

لم يكن هذا التطور الاستراتيجي ليتحقق لولا التغيير السياسي الداخلي الكبير في أرض الصومال. ففي تشرين الثاني 2024، شهدت المنطقة انتخابات رئاسية أحدثت تحولاً في أعلى مستويات القيادة، مما أتاح تغييراً في توجهات السياسة الخارجية السابقة. وشهدت الانتخابات فوز شخصية المعارضة عبد الرحمن محمد عبد الله، المعروف باسم "إيرو"، زعيم حزب الوداني. وكان إيرو دبلوماسياً مخضرماً، حيث عمل سابقاً في السلك الدبلوماسي الصومالي قبل انهيار الدولة.

فور توليه منصبه، انتهج إيرو استراتيجية حازمة تهدف إلى إنهاء عزلة أرض الصومال الدولية التي دامت عقوداً. وقد هيأ تحوله في السياسة الخارجية الظروف لإجراء مفاوضات سرية مع إسرائيل، والتي توجت في نهاية المطاف بالاعتراف الرسمي.

شهور من العمل المتواصل
جاء هذا الاختراق بعد أشهر من الجهود الاستخباراتية والدبلوماسية المكثفة. وأفادت مصادر إسرائيلية أن الرئيس إيرو قام بزيارة سرية إلى إسرائيل في تشرين الأول 2025، أي قبل شهرين من الإعلان الرسمي، التقى خلالها بمسؤولين كبار من الموساد ووزارة الخارجية.

وتركزت المناقشات، بحسب التقارير، على اتفاق تبادل المصالح: اعتراف دبلوماسي مقابل الوصول الاستراتيجي. وفي بيانه العلني، وجّه رئيس الوزراء نتنياهو شكره الخاص لمدير الموساد ديفيد بارنيا، مؤكداً أن المبادرة تمت إدارتها بشكل أساسي من خلال جهاز الأمن الإسرائيلي، وتم تقديمها كمسألة أمن قومي.

يمثل اعتراف إسرائيل بصوماليلاند إحياءً وتحديثاً لعقيدة الحدود التقليدية للبلاد. تهدف هذه الاستراتيجية طويلة الأمد إلى إقامة شراكات في المنطقة لتأمين الوصول إلى الممرات البحرية الرئيسية، ولا سيما القوس الجنوبي عبر البحر الأحمر. بالنسبة لنتنياهو، يُعدّ هذا الاتفاق انتصاراً دبلوماسياً هاماً في القرن الأفريقي، يعتزم استغلاله خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

يمنح الموقع الجغرافي لصوماليلاند إسرائيل العديد من المزايا الاستراتيجية. إذ تسيطر المنطقة على امتداد 850 كيلومتراً على طول خليج عدن، وتتمتع بإمكانية الوصول إلى مضيق باب المندب.

بحسب معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، يوفر التحالف مع هرجيسا لإسرائيل منصةً حيويةً لتحقيق ثلاثة أهداف. أولها إنشاء نظام إنذار مبكر عبر نشر أجهزة رادار ومراقبة إلكترونية لرصد أنشطة الصواريخ والطائرات المسيّرة المنطلقة من اليمن، ولا سيما التهديدات الموجهة إلى إيلات. ثانيها استخدام أراضي أو مياه أرض الصومال كنقطة انطلاق لعمليات خاصة ضد جهات معادية، وعلى رأسها الحوثيون. أما ثالثها، فهو هدف استراتيجي أوسع نطاقًا: منع إيران من السيطرة على البحر الأحمر عبر تعطيل خطوط الإمداد البحرية التي قد تدعم الحوثيين.

خطط لإنشاء قاعدة عسكرية
يبدو أن اعتراف إسرائيل الدبلوماسي بصوماليلاند ليس إلا واجهة سياسية لترتيب أمني أوسع نطاقاً، يتضمن، بحسب التقارير، خططاً لإنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية، يُحتمل أن تكون الأكبر من نوعها خارج الأراضي الإسرائيلية. ويجري النظر في موقعين رئيسيين في صوماليلاند، يتميز كل منهما بمزايا استراتيجية وتحديات عملياتية فريدة.

تُعدّ مدينة بربرة الساحلية أولى المدن المرشحة، إذ يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها الخيار الأمثل من الناحية اللوجستية. وقد تمّ بالفعل ضخّ استثمارات ضخمة، بلغت مئات الملايين من الدولارات، في تطوير بربرة، ما رفع طاقتها الاستيعابية للحاويات إلى حوالي 500 ألف حاوية، مع طموحات للوصول إلى مليوني حاوية. كما يضمّ مجمع الميناء بنية تحتية عسكرية، تشمل مدرجًا ممتدًا قادرًا على استيعاب الطائرات الكبيرة، بالإضافة إلى مرافق دعم ولوجستية متطورة. وتتعزز أهميتها الاستراتيجية بفضل طريق حديث يربطها مباشرةً بإثيوبيا.

الخيار الثاني هو مدينة زيلع الساحلية التاريخية، الواقعة بالقرب من الحدود مع جيبوتي، وهي أقرب نقطة في أرض الصومال إلى مضيق باب المندب. كانت زيلع عاصمة سلطنة عدل ومركزًا تجاريًا رئيسيًا على البحر الأحمر، وتوفر مجموعة مختلفة من المزايا الاستراتيجية.

إن وجوداً إسرائيلياً في هذا الموقع سيتيح مراقبة إلكترونية فعّالة للغاية في كل من الجبهتين اليمنية والإريترية. كما أن بُعده النسبي عن الازدحام التجاري في بربرة يعزز جاذبيته للعمليات العسكرية السرية وجمع المعلومات الاستخباراتية.

الحوافز الاقتصادية
يتجاوز الاتفاق بين إسرائيل وصوماليلاند النطاق الأمني، إذ يشمل مجموعة من الحوافز الاقتصادية الضرورية لبقاء حكومة صوماليلاند التي تعاني من ضائقة مالية. وأوضح نتنياهو أن التعاون الثنائي سيشمل الزراعة والصحة والتكنولوجيا والتنمية الاقتصادية بشكل عام.

تُعدّ الزراعة التحدي المحلي الأكثر إلحاحًا في أرض الصومال، نظرًا لمناخها شبه الجاف في الغالب. وقد بدأت شركات إسرائيلية رائدة متخصصة في الزراعة الصحراوية، وعلى رأسها شركة نتافيم، باستكشاف مبادرات في مجال الري بالتنقيط وتحلية المياه الجوفية. ويهدف هذا التعاون إلى محاكاة نموذج التنمية الناجح الذي طبقته إسرائيل في مناطق قاحلة أخرى. ومن خلال تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق تحسينات ملموسة في سبل العيش المحلية، يُمكن لهذه المبادرة أن تُوفر لحكومة أرض الصومال شرعية قائمة على الإنجازات بين شعبها، لا سيما في ظل موجات الجفاف المتكررة.

تسعى إسرائيل أيضاً إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع أفريقيا عبر ممر بربرة، وهو طريق لوجستي رئيسي يربط ميناء بربرة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ولا يقتصر أثر تطوير هذا الممر على تقليل الاعتماد الإقليمي على جيبوتي فحسب، بل يُسهم أيضاً في إنشاء طريق تجاري بري، مما يتيح لشركات التكنولوجيا الإسرائيلية الوصول إلى السوق الإثيوبية الضخمة. علاوة على ذلك، يفتح هذا الممر آفاقاً للنقل البري إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، عبر كينيا وأوغندا.

باعترافها بصوماليلاند وضمّها فعلياً إلى اتفاقيات أبراهام، نجحت إسرائيل في اختراق جزء من الحاجز الجيوسياسي العربي المحيط بالبحر الأحمر، مؤمّنةً بذلك منصة عمليات متقدمة لمواجهة إيران ووكلائها الإقليميين. أما بالنسبة لصوماليلاند، فيمثل هذا الاعتراف شريان حياة سياسياً واقتصادياً طال انتظاره.

مخاطر جسيمة
لكن المخاطر جسيمة. إذ يُمكن لهذا التحالف الجديد أن يُؤدي إلى استقطاب حاد في منطقة القرن الأفريقي وتسريع وتيرة عسكرتها، مع بدء تبلور محورين متنافسين. يضم أحدهما إسرائيل وصوماليلاند وإثيوبيا، بينما يضم الآخر مصر والصومال وتركيا وجيبوتي، التي لا تزال تُعارض هذا التحول بشدة.

إن اعتراف إسرائيل بصوماليلاند ليس مجرد لفتة رمزية، بل يعكس إعادة تموضع استراتيجي مدروس عند مدخل البحر الأحمر. فمع ميناء بربرة، والممر المؤدي إلى إثيوبيا، وقاعدة عسكرية محتملة قرب مضيق باب المندب، انتقلت ملف صوماليلاند من الهامش إلى صدارة الصراع العالمي على النفوذ الإقليمي. وباتت الآن بمثابة اختبار حقيقي لتغير موازين القوى، وقدرة المجتمع الدولي على إدارة التداعيات بعيدة المدى لهذا التحول.

Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك