أفاد موقع "إرم نيوز" أن مصدراً أوروبياً دبلوماسياً رفيع المستوى أكد أن الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها
إيران في عدة مدن رئيسة، ناتجة بشكل مباشر عن انعكاسات تفعيل "آلية الزناد" من جانب الترويكا الأوروبية المتعلقة بالعقوبات الأممية، التي جاءت تزامنا مع عقوبات أميركية في أشهر تشرين الأول وتشرين الثاني وكانون الأول من 2025.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن
واشنطن تجهز حزم عقوبات أخرى على مؤسسات وشركات وشخصيات سياسية واقتصادية خلال الفترة المقبلة، لخنق النظام
الإيراني والتعامل مع تفاوض غير عنيد، خلال المرحلة المقبلة.
وبيّن المصدر أن الخنق الاقتصادي مع ما يجهز من ضربة عسكرية جديدة إسرائيلية أميركية، له أثر على خروج هذه التظاهرات بشكل واسع، في ظل معاناة تتزايد اجتماعيا ومعيشيا وعلى كل المستويات والطبقات.
وأفاد المصدر بأن تعامل السلطات
الإيرانية مع التظاهرات سيكون تحت أعين المجتمع الدولي وأن أي إجراء يأخذ نوعا من القمع ضد المواطنين المشاركين في هذه الاحتجاجات لن يكون مجديا على مستوى السياسة الداخلية والعلاقات الخارجية لطهران، ومن الممكن أن يتسبب بشكل آخر من العقوبات.
يأتي ذلك في الوقت الذي يرى فيه خبراء في العلاقات الدولية أن اتساع رقعة التظاهرات أكثر من ذلك، من الممكن أن يسهم في تأجيل الضربة
الإسرائيلية الأميركية، لرغبة واشنطن وتل أبيب وقتئذ في الرهان على الفاعل الداخلي، في إشارة إلى المواطن الإيراني.
ورجحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما يجري يمكن وضعه في خانة الصراع بين الحكومة الإيرانية والحرس الثوري الذي يريد إسقاطها والإطاحة بالرئيس مسعود بزشكيان واستبداله بأحد المنتسبين للتيار المحافظ.
وتستمر الاحتجاجات الشاملة ضد ارتفاع سعر الدولار والتضخم في إيران، وشهدت عدة مدن تجمعات للتجار وأصحاب المحال التجارية في طهران، وهمدان، ومشهد، وأصفهان، وزنجان، وملارد، بمشاركة عدد كبير من طلاب الجامعات، مرددين شعارات مثل "الطالب يموت ولا يقبل الذل"، ومؤكدين على تضامن الجامعات مع المجتمع.
ويقول الخبير في شؤون
الشرق الأوسط، الدكتور أحمد الياسري، إن هذه الاحتجاجات ليست مرتبطة باستهداف النظام، بقدر أنها تتعلق بالدرجة الأولى بالوضع الاقتصادي الصعب، وإن ما يجري انعكاس واضح على الأرض.
وأشار إلى أنه من الممكن أن تؤجل الضربة التي تريد أن تقوم بها
إسرائيل بمشاركة
الولايات المتحدة، حال اتسعت رقعة التظاهرات التي تأخذ شكلا مركزيا ومؤثرا في سوق طهران الكبيرة، التي تعتبر عصب إيران الاقتصادي وكثيرا ما شهدت تظاهرات من هذا النوع.
وأوضح الياسري، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الاحتجاجات تعكس بشكل قوي تراجع الوضع المعيشي، بالإضافة إلى التعبير المباشر على حالة الغضب التي يعيشها الشعب الإيراني من فشل حماية الأجواء وقت حرب الـ12 يوما والخوف من تكرار ذلك مجددا مع الحرب التي تتصاعد مؤشرات تكرارها الفترة المقبلة، في ظل كلفة الحماية والدفاع التي يدفعها المواطن الإيراني طوال السنوات الماضية، على حساب وضعه الاقتصادي والمعيشي.
ويعتقد الياسري أنه في حال اتساع رقعة التظاهرات أكثر من ذلك، من الممكن أن يسهم هذا في تأجيل الضربة الإسرائيلية الأميركية، لرغبة واشنطن وتل أبيب وقتئذ في التركيز على تحريك الفاعل الداخلي.
وقال إن ما يعكس ذلك خروج رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كثيرا، متحدثا باللغة الفارسية ومطالبا الشعب الإيراني بالاستنهاض ضد النظام، وفي المقابل كان المرشد الإيراني يسمي ذلك بـ"الغزو الإسرائيلي" ويستخدم في خطابه نبرة وطنية وليست دينية.
واستكمل الياسري أنه في ظل التراجع الاقتصادي الحاد والخوف من المجهول القادم وعدم الثقة في قدرات
إيران على حماية الأجواء، فإن رهان الحرب إما أنه "مقدم" إذا كانت حركة التظاهرات لم تتسع، وظلت بدوافع اقتصادية فقط وليست أيديولوجية أو سياسية، وإما "مؤجل" حال اتساع رقعة الاحتجاجات.
وأوضح أنه في هذه الحالة قد تتغير فكرة الاستهداف المباشر أو يركز الموساد على دعم رسائل إعلامية واجتماعية بشكل مباشر في إيران؛ ما يأتي بانفلات داخلي أمني، لتتحرك على أثر ذلك تل أبيب بعمليات استهداف للقادة لإسقاط النظام حتى يكون الذهاب للقضاء على النظم الصاروخية.
وبحسب الياسري فإن إيران أمام تحد كبير، والضربة محتملة بمؤشرات عالية لا سيما بعد تصريح ترامب الأخير في القمة التي جمعته مع نتنياهو، ولكن الأمر يتعلق بمن يمتلك المبادرة.
وتابع: "إذا امتلكتها إسرائيل وحصلت على الدعم الأميركي سيكون الوضع صعبا، والعكس صحيح في حال ذهاب طهران إلى تحريك الميليشيات، لا سيما الحوثيين، تجاه مفاعل ديمونة أو تل أبيب أو حيفا".