نشر موقع "المونيتور" مقالاً للخبير في السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط، مكسيم سوخوف، تحدّث فيه عن منظومة الـ"أس 300" الدفاعية في سوريا، وإذا ما كانت تشكّل تغييرًا لقواعد اللعبة في سوريا.
وقال الكاتب إنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين في 2 تشرين الأوّل الجاري أنّ الجيش الروسي قد أكمل تزويد سوريا بنظام الدفاع الصاروخي "أس 300". ورأى أنّ هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الأمن للقوات الروسية في البلاد بعد إسقاط طائرة استطلاع روسية من طراز "إيل 20"، الأمر الذي اعتبرته موسكو إستفزازًا إسرائيليًا.
وبحسب شويغو، فإنّه تمّ تثبيت 49 وحدة من المعدات اللازمة التي تضمّ رادارات وآليات و4 منصات لإطلاق الصواريخ، مشيرًا الى القيام بتحسين كبير في التشويش الإلكتروني اللاسلكي الخاص بالروس، وإضافة بعض المعدات الجديدة. وأضاف: "اليوم نحن نسيطر على منطقة مساحتها 50 كيلومتر".
كما أوضح الكاتب أنّ موسكو ودمشق وقّعتا اتفاقًا بشأن توريد أنظمة الـ"أس 300" إلى سوريا في عام 2010، لكن الكرملين علّق تنفيذ الاتفاق بسبب المخاوف الأمنية الإسرائيلية، لكن في الأيام التي تلت حادثة سقوط الطائرة الروسية، جاء القرار بالمضي قدمًا في الاتفاق كوسيلة لتقييد حركة سلاح الجو الإسرائيلي وتقليل احتمالية وقوع حوادث إضافية وسقوط ضحايا روس.
من جانبه، يرى ليونيد نرسيسيان، المحلل العسكري ورئيس تحرير مجلة استراتيجية الدفاع الجديدة، أنّ نشر هذه الأنظمة الدفاعية يهدف إلى خدمة أهداف موسكو السياسية والعسكرية. وقال لموقع "المونيتور": "هذا دليل قاسٍ على الموقف الروسي إزاء الضربات الجوية الإسرائيلية في منطقة النفوذ الروسية المباشرة". وأضاف: "لقد تم ضرب اللاذقية لأول مرة. إنها أيضاً رسالة أن إهمال آلية الإخطار المتبادل على الأجواء السورية هو أمر غير مقبول".
وتابع: "في ما يتعلق بالعنصر العسكري، فإن الأنظمة الجديدة ليست كافية لتغطية كل الأراضي السورية، ولكنها كافية فقط لتأمين المناطق الساحلية، وهي ستعقّد أنشطة سلاح الجو الإسرائيلي، مما سيجعلها تعمل من مسافات أبعد الأمر الذي يقلل من فعالية الضربات".
وتفيد ورقة البيانات الفنية الخاصة بمنظومة الـ"أس 300" أنّها قادرة على القضاء على الطائرات المتقدمة، بما في ذلك الطائرات التي تستخدم تكنولوجيا التخفي، وعلى الصواريخ البالستية المتوسطة المدى، والصواريخ التكتيكية وغيرها، لكنّ نرسيسيان أشار إلى أنّ "هذا بالتأكيد لا يعني أن إسرائيل لا تستطيع التغلب على هذه الأنظمة"، مشيرًا الى أنّه "على الرغم من أن العلاقات بين روسيا وإسرائيل قد تكون الآن ساخنة، إلا أن كلا الطرفين لا يهتمان بالمواجهة، لأنّها ستزيد من زعزعة استقرار المنطقة باتجاه تطورات جديدة لا يمكن التنبؤ بها".
ويعتقد أندري فرولوف، المحلل العسكري ورئيس تحرير مجلة Eksport Vooruzheny (تصدير الأسلحة) الروسية، أن تحرك وزارة الدفاع الروسية هو رمزي وطريقة لحفظ ماء الوجه. وقال فرولوف لموقع "المونيتور": "لم يتوقف للعمل بتجنّب الصراع بين روسيا وإسرائيل، لذا من غير المرجح أن تكون خطوة نشر الـ أس 300 مغيراً كبيراً للعبة". وأوضح أنّ كلّ شيء متعلّق بالمكان الذي سيتم فيه نشر أنظمة أس 300 وكيف سيتم دمجها في الدفاع الجوي الشامل لسوريا؟ هل سيحاط بها السوريون حصراً أم مع الروس؟ نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت لنرى".
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 7 تشرين الاول الجاري إنه سيلتقي بوتين "قريباً" لمناقشة المزيد من التنسيق الأمني حول سوريا. وبحسب المعلومات، فقد رفضت موسكو طلبين إسرائيليين على الأقل للاجتماع بعد حادث سقوط طائرة إيل 20. كما رفضت استضافة وفد برئاسة مستشار الأمن القومي مئير بن شبات، وحتى لم تقبل بزيارة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أو نتنياهو نفسه.
والآن تبدو موسكو أكثر انفتاحًا على الاتصالات رفيعة المستوى مع اسرائيل، بحسب الكاتب الذي أضاف أنّ نتنياهو التقى نائب رئيس الوزراء الروسي مكسيم أكيموف في إسرائيل يوم 9 تشرين الأول الجاري لمناقشة الشراكات الاقتصادية.
وخلص الكاتب الى أنّه في ظلّ هذه المعطيات، لا يؤدي نشر منظومة الـ"أس 300" في سوريا إلى تغيير الأمور بشكل كبير في الأجل القريب، بانتظار ما ستؤول اليه المفاوضات الروسية الإسرائيلية.