في ظل التطورات اللافتة على خط العلاقات الأميركية-السعودية عقب تنصيب الرئيس جو بايدن، لم يستبعد خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، أن تستغل روسيا برودة العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية لمصلحتها، بحيث توظفها لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.
وفي تقرير نشره موقع "المونيتور"، انطلق الخبير الروسي من زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للرياض، مذكّراً بأبرز التطورات على مستوى العلاقات الأميركية-السعودية الثنائية: التقرير الأميركي حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 25 شباط، والتصريح الأميركي حول نية واشنطن "إعادة ضبط العلاقات مع السعودية"، وأخيراً قرار واشنطن شطب الحوثيين من لائحة العقوبات.
وفي هذا الإطار، لفت الخبير إلى أنّ موسكو تعتقد أنّ الرياض ستتخذ خطوات لتنويع علاقاتها الخارجية، قائلاً: "يُحتمل أن تحاول (الرياض) تكثيف الاتصالات مع روسيا للتعويض عن الأكلاف الناتجة عن جمود العلاقات (..)". وأضاف: "وتبدي روسيا فعلاً استعداداً للقاء السعودية في منتصف الطريق".
وهنا، أوضح الخبير أنّ الجهود الديبلوماسية الروسية-السعودية تعززت، متحدثاً عن زيارة لافروف والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف إلى الرياض مؤخراً، مشيراً إلى أنّ الجانب الروس أيّد خلال المحادثات تعزيز دور السعودية في حل الأزمة السورية. وكتب سيميونوف: "بموجب ذلك، تعزز موسكو دور السعودية الإقليمي"، مبيناً أنّ الرياض تنافس أنقرة على النفوذ في الشرق الأوسط.
إلى ذلك، افترض الخبير أن تفيد روسيا السعودية في اليمن عبر لعب دور الوسيط، موضحاً أنّ موسكو نجحت في الحفاظ على علاقاتها مع جميع أطراف النزاع، أي الحوثيين ومناصري الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، مفترضاً أن يُطلب منها لعب دور إذا ما استُئنف حوار سلمي. ورأى الخبير أنّه من شأن الدور الروسي على هذا المستوى أن يوسع هامش المناورة بالنسبة إلى السعودية، إذ تخشى الرياض عدم اعتراف واشنطن بمخاوفها الأمنية في اليمن.
توازياً، توقع الخبير أن تسعى موسكو إلى إعادة إحياء مبادرتها لإحلال الأمن والتعاون في منطقة الخليج (كشفت عنها في 2019)، لافتاً إلى أنّها قادرة على أن تساعد على ضبط العلاقات بين الدول الخليجية وإيران.
في السياق نفسه، قال الخبير إنّ روسيا تتوقع أن يؤدي فتور العلاقات الأميركية-السعودية إلى إبرام عقود بيع سلاح جديدة مع السعودية، مشيراً إلى أنّ موسكو تبدي رغبة أيضاً في تعزيز التجارة الثنائية بحيث تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار بحلول العام 2024؛ بالكاد تتخطى اليوم المليار ونصف مليار دولار.
على صعيد أسواق الطاقة، قال الخبير إنّ روسيا والسعودية تسعيان إلى تمتين تعاونها في سوق النفط، مذكراً بتصريح لافروف أن بلاده تسعى مع منتجي مجموعة "أوبك+" لتحقيق استقرار أسعار الطاقة العالمية. وآنذاك قال لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان: "روسيا والسعودية تهدفان إلى تعزيز التعاون بينهما في أسواق النفط والغاز العالمية والسعي لضمان أن يكون هذا التعاون طويل الأمد".
وعلى الرغم من الجهود الروسية المتعددة الاتجاهات أعلاه، أكّد سيميونوف أنّ موسكو تدرك أنّها ستظل عاجزة عن الحلول محل واشنطن بصفتها شريكة استراتيجية للسعودية قريباً. ولكنه، سرعان ما أضاف: "مع ذلك، تبدي روسيا استعداداً لاستغلال الوضع الراهن لتعزيز العلاقات الروسية-السعودية تدريجياً وتمتين مواقفها التكتيكية، متطلعةً إلى تحويل هذه المواقف إلى استراتيجية بشكل تدريجي".