في خطوة مفاجئة ترمي إلى حلّ مشكلة شيخوخة السكان، أعلنت الصين دعمها الأزواج الراغبين في إنجاب طفل ثالث، وفقاً لما جاء في اجتماع للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أمس الإثنين. وتأتي هذه الخطوة بعد مرور 43 عاماً على تطبيق سياسة "الطفل الواحد" المثيرة للجدل، بجحة أنّ الزيادة السكانية السريعة، ولا سيما في الريف، تقوض الجهود الرامية إلى الحد من الفقر وتنمية الاقتصاد.
السياسة الديموغرافية الجديدة والإجراءات الداعمة لها ذات الصلة، ستساعد في تحسين الهيكل السكاني في الصين، وحل مشكلة شيخوخة السكان بفعالية والحفاظ على مزايا الموارد البشرية، بحسب ما تقول السلطات الصينية.
في تقرير لها، استبعدت
وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن تحدّ هذه الخطوة من ميل الصينيين إلى تأسيس عائلات صغيرة، لافتةً إلى أنّ إحصاءاتها لا تستبعد انكماش عدد الصينيين (يُقدّر بـ1.41 مليار تقريباً) قبل العام 2025 وذلك نتيجة عدد المواليد المتراجع؛ وُلد 12 مليون طفل صيني العام الفائت في ظل حالة انعدام الالتباس الناتجة عن جائحة كورونا، وهذا أدنى تعداد مواليد منذ العام 1961.
من جانبه، ربط مدير مركز الصين والعولمة، هنري وانغ، توقيت القرار بنتائج تعداد السكان الأخيرة وإجماع الصينيين حول إجراء تغيير، قائلاً: "يحتاجون ربما لبعض الوقت قبل التخلي عن القيود (المفروضة على الولادات) تماماً".
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي الصيني، إيريك تشو، السياسة الصينية الجديدة "خطوة في الاتجاه الصحيح"، مستدركاً بأنّها لا تكفي لتفادي تحميل الاقتصاد الصيني عبئاً ديموغرافياً حتمياً. وفي هذا السياق، تحدّث الخبير عن خطوات أخرى مثل السياسات الصديقة للإنجاب والأبوة ورفع سن التقاعد، وذلك "إذا كان أمام الصين فرصة من شأنها إبطاء تقلص قوتها العاملة والأزمة الناجمة عن شيخوخة السكان اللذيْن يلوحان بالأفق".
فيفيان زان، الأستاذة المشاركة في مادة السياسة الصينية في جامعة هونغ كونغ، توقعت نتائج محدودة، إذ قالت: "بالنسبة إلى الأغنياء، فسيشجعهم تخفيف القيود على إنجاب المزيد من الأطفال، أمّا بالنسبة إلى المواطنين العاديين، المنتمين إلى الطبقة الوسطى أو حتى إلى طبقات أدنى مثلاً، فلا يمتلك هؤلاء الدافع الكافي للاستفادة من السياسة الجديدة".
ديموغرافياً، رجح الخبراء اكتفاء الصينيين بعائلات صغيرة حتى في ظل السياسة الجديدة: فكما في شرق آسيا وأوروبا، بات الصينيون يفضلون العائلات الصغرى، وفقاً لـ"بلومبيرغ". إشارة إلى أنّ ارتفاع عدد المواليد عقب تطبيق سياسة الطفليْن في العام 2016 كان قصير العمر، حيث يعتبر عدد كبير من الآباء أنّ ارتفاع تكاليف السكن والتعليم يقيّدهم.
يُشار إلى
أنّ الصينيين البالغين من العمر 60 عاماً يشكلون ما يزيد عن 18.7% من إجمالي السكان، وذلك بزيادة 5.44 نقطة مئوية عن مستوى عام 2010 حينما أُجري التعداد السكاني السابق. وأظهرت بيانات حديثة أن إجمالي عدد سكان الصين في البر الرئيسي الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر وصل إلى 264.02 مليون نسمة، بينهم 190.64 مليون شخص تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق، ما يمثل 13.5% من إجمالي السكان.