منذ الساعات الأولى من فجر الأربعاء ومع انتشار خبر العملية الأمنية التي نفذتها الشرطة وفرق مكافحة الإرهاب في باريس، تسربت الأنباء التي أكدت أن "الهدف من المداهمة كان العقل المدبر للهجوم الدموي على باريس مساء الجمعة الماضي، عبد الحميد أباعود، وربما أيضاً صالح عبد السلام المطلوب الهارب منذ نهاية الهجوم الدامي المذكور".
ورغم استبعاد عودة أباعود شخصياً إلى أوروبا، وإلى فرنسا تحديداً للإشراف على عملية باريس عن قرب، إلا أن ذلك لا يُعد مستحيلاً في تقدير الأجهزة في ظل المعلومات التي بدأت في التسرب بالتدريج عن العملية والظروف التي أحاطت بها في انتظار ما سيكشفه المدعي العام الفرنسي المكلف بالقضية في مؤتمر صحافي يكشف فيه آخر المعطيات التي يمكن الإفصاح للرأي العام الفرنسي والدولي أيضاً.
بعد الصدمة
واعتماداً على ما توفر، لم تكن الشبكات الإرهابية الفرنسية أو الإرهابية الناشطة أو النائمة التي نجحت الأجهزة الأمنية في تحديدها بسرعة بعد صدمة الهجوم الدموي الذي كان منتظراً منذ الهجوم على صحيفة شارلي هبدو، المؤشر الذي وضع رجال المخابرات ومكافحة الإرهاب والتدخل السريع ورجال العمليات الخاصة، على خطى أباعود المطلوب الأول، أو عبد السلام المطلوب الثاني، لكن الجواز الذي وُجد مع "اللاجئ" السوري الذي فجر نفسه في محيط ملعب سان دوني، الجمعة الماضي.
وبالعودة إلى تصريحات المدعي العام الفرنسي فرانسوا مولينس بعد انتهاء العملية، والتي أكد فيها أن الخلية الإرهابية المستهدفة في سان دوني، المنطقة القريبة من ملعب فرنسا الذي يحمل اسم ملعب سان دوني، بدأت فور انطلاق التحقيقات مساء الجمعة في الهجوم الدموي الذي تعرضت له ثلاث دوائر مختلفة في باريس إلى جانب الملعب، ما يعني أن الأجهزة المتخصصة استوعبت سريعاً الصدمة واستعادت توازنها، لتضع الطريق على أول خيط من خيوط الشبكة الجديدة، وفق تسريبات حصلت عليها قناة بي اف ام تي في ، التي قالت إن الانتحارية التي فجرت نفسها، وعرف اسمها الأول فقط، حسناء، قريبة أباعود، وربما ابنة عمه أو خاله، وذلك اعتماداً على التنصت الهاتفي واختراق الانترنت، ما أكد العلاقة بين حسناء التي كانت تقدم نفسها في محادثاتها بهذه الصفة أي قريبة أبوعمر البلجيكي أو أبو عمر السوسي.
جواز"اللاجئ" السوري
ولكن الخيط الأبرز الذي جعل المحققين حسب التسريبات والتحليلات المتداولة مساء الأربعاء، لم يكن سوى الجواز الذي عُثر عليه في محيط ملعب الكرة باسم المحمد "اللاجئ" السوري عند البعض والفلسطيني عند البعض الآخر، ولكن الأهم في هذا الملف ليس الجواز ولا أشلاء الانتحاري التي لن تقدم الكثير للمحققين في الوقت الراهن، ولكن مرافقه الغامض والمجهول، الذي وصل معه إلى اليونان نقطة دخول الانتحاري إلى اليونان، وسجل نفسه معه واشترى بعد ذلك تذكرة للشخصين للسفر من ليروس اليونانية إلى العاصمة أثنيا، قبل أن يتبخر في الفضاء الأوروبي، على عكس مرافقه، الذي وصلت الأجهزة إلى بعض محطاته في صربيا ثم كرواتيا، قبل جمع أشلائه في سان دوني الفرنسية.
حجة "داعش"
وعلى عكس المُعلن يبدو أن الأجهزة الأوروبية كلها وليس الفرنسية فقط، تسعى وراء الرجل الثاني الغامض، أو اللاجئ الثاني، الذي كشف الورطة التي يمكن أن يتسبب فيها التدفق الكبير للاجئين على أوروبا، في الأشهر الأخيرة، ولينسف المبررات التي ساقها داعش منذ تبنيه الهجمة الإرهابية على باريس، والتي تتمحور حول الانتقام منها بعد توسيع ضرباتها ضد داعش لتشمل سوريا.
(24)