يُجري مسؤولون روس مفاوضاتٍ مُكثَّفة مع نظرائهم الأميركيين للتوصل إلى اتفاقٍ واحدٍ على الأقل، يأملون أن يُمكِّن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من الترويج لقمته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على أنَّها انتصارٌ يُبرِّر اتخاذ خطوات لإصلاح العلاقات.
وتقول وكالة "بلومبرغ" الأميركية إنه يأتي في مُقدمة الموضوعات التي ستُطرَح للنقاش في القمة، المُقرَّر إجراؤها في العاصمة الفنلدنية هلسنكي يوم 16 من الشهر الجاري دور إيران في سوريا، الذي يُمثِّل قضيةً تتفاوض عليها روسيا في الوقت نفسه مع إيران.
وقال مستشاران روسيان في الكرملين إنَّ بوتين وافق من حيث المبدأ على المطالب الأميركية والإسرائيلية بإبعاد القوات المدعومة إيرانياً في جنوب سوريا عن حدود إسرائيل وإحلال قوات موالية للنظام السوري محلها.
وأكَّد جون هانتسمان، السفير الأميركى لدى روسيا، في مكالمةٍ هاتفية جماعية الخميس الماضي، وجود خططٍ لعقد اجتماع فردى، قائلاً إنَّ ترمب سيحضر هذا اللقاء بـ"حرصٍ وانتباهٍ شديدين" حيال نيات بوتين.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الذي لطالما أيَّد تغيير النظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية: "سنرى ما سيحدث حين يجتمع الاثنان معاً. هناك احتمالاتٌ لإجراء مفاوضاتٍ أكبر حول المساعدة في إخراج القوات الإيرانية من سوريا وعودتها إلى إيران، وهو ما سيكون خطوةً مهمة إلى الأمام".
ويعتبر المتابعون في روسيا أنَّ أول اجتماعٍ موسَّع بين الزعيمين فرصةٌ لبدء صفحةٍ جديدة في العلاقات الثنائية، التي تدهورت ووصلت إلى أدنى مستوياتها بسبب مجموعةٍ من القضايا، من بينها الحرب في سوريا، والعقوبات المفروضة على روسيا بسبب تدخُّلها المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، وضمها شبه جزيرة القرم، ودعم الانفصاليين في أوكرانيا.
ومع ذلك، ثمة شكوك كبيرة في قدرة بوتين على فرض أي اتفاق يتضمن تصرفات إيران في سوريا، حتى لو عَرَضَ نشر قوات لتحقيق الاستقرار بالمناطق الحدودية المعنيّة. وهذا بدوره يغذي المخاوف في الولايات المتحدة وبين حلفائها بأوروبا من أن يُهلِّل ترمب باجتماع هلسنكي، معتبراً إياه إنجازاً كبيراً دون أن يحصل على أي تنازلاتٍ حقيقية.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، يعتقد محللون ومسؤولون سابقون أنَّه لا مصلحة لبوتين في إزاحة إيران من المعادلة المعقدة بسوريا، وحتى لو رغب في ذلك، فربما لا يمتلك من النفوذ ما يكفي للقيام بالأمر.
وعلى رغم أن بولتون توقع أن تطرح في قمة هلسنكي إمكانية إجراء "مفاوضات أكبر بشأن المساعدة في إخراج القوات الإيرانية من سوريا"، يقول مايكل ماكفول، وهو سفير سابق للولايات المتحدة في موسكو: "أعتقد أنَّها لَمبالغة كبيرة الإشارة إلى أنَّ بوتين يمكنه إصدار الأمر بخروج الميليشيات الإيرانية من سوريا. إنَّه لا يمتلك ذلك النوع من النفوذ على إيران".
وقال يوري بارمين، وهو خبير بشؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي: "أعتقد أنَّه بحلول الآن، أصبح واضحاً أنَّ روسيا لا تتخلى عن شركائها بسهولة. لو كان الأمر كذلك لكانت روسيا تخلَّت عن الأسد وإيران قبل زمنٍ طويل".
وقال ريتشارد نيفيو، وهو نائب منسق سياسة العقوبات السابق بوزارة الخارجية الأميركية، إنَّه في حين تنخرط موسكو بمساومات مصالحية، فإنَّ الأمر سيتطلب تنازلاً كبيراً من الولايات المتحدة؛ لدفع بوتين للتحرك ضد إيران.
(عربي بوست)