على الرغم من عدم حدوث صدام عسكري بين الولايات المتحدة وإيران منذ 38 عاما، إلا أن علاقات البلدين توترت بشدة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ما فتح الباب أمام كل الاحتمالات.
واليوم، تراوح العلاقات بين واشنطن وطهران بين تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب تارة بالتهديد بمصير غامض وطوراً بالتفاؤل بعقد لقاءات، إلا أن وقائع الثمانينيات لا تزال تلقي بظلال قاتمة على مشهد "الصراع" بين الطرفين، خاصة في حالته الراهنة، وقد ارتفعت حرارته إلى مستوى حرج.
هذا المستوى وجد انعكاسه في التصريحات النارية بين مسؤولي البلدين بشكل غير مسبوق مع اقتراب موعد السادس من آب، تاريخ إعادة فرض الحزمة الأولى من العقوبات ضد إيران، وصولا إلى مزيد من الضغط لمنع طهران من تصدير نفطها وحصارها بشكل خانق محكم هذه المرة، وانتظار ردات الفعل الإيرانية.
كل ذلك يدفعنا إلى الوراء، وتفحص ما جرى في سنوات الثمانينيات بين الجانبين من احتكاكات بالغة الخطورة وبعيدة الأثر.
مخلب النسر
البداية حدثت في نيسان 1980، حين نفذت الولايات المتحدة عملية إنزال كبرى أطلقت عليها اسم "مخلب النسر" بهدف تحرير الرهائن الاميركيين في طهران.
وقد أرسلت واشنطن في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، طائرات مروحية وطائرات نقل عسكرية ووحدة خاصة إلى صحراء "طبس" الواقعة شرق البلاد، إلا أن الأمور لم تسر كما ينبغي منذ البداية، واكتملت مصاعب الاميركيين بعاصفة رملية دفعتهم إلى محاولة التراجع، وحينها اصطدمت طائرة مروحية بطائرة شحن عسكرية، ما أدى إلى اشتعال النار فيهما ومقتل 8 عسكريين أميركيين.
وعلّق حينها المرشد الأعلى الإيراني الخميني قائلا: "إن الله قد أنعم على الحكومة الإسلامية بمعجزة العاصفة الرملية".
أما الصدام العسكري الثاني تصادف وقوعه في شهر نيسان عام 1987، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وفي أوج ما عرف حينها بحرب ناقلات النفط بين الجانبين، حيث ردّت البحرية الأميركية على مهاجمة زوارق إيرانية ناقلة النفط الكويتية "سي إيسل سيتي"، وكانت تحمل علم الولايات المتحدة، بتدمير منصتي نفط إيرانيتين في الخليج، وبعدها أغرق الأميركيون 3 مدمرات إيرانية وأعطبوا فرقاطتين، حين حاول الإيرانيون مواجهتهم.
"فرس النبي"
لم يختلف الصدام العسكري الثالث في موعده عن الحدثين اللذين سبقاه، وكان تاريخه نيسان 1988، وحينها اصطدمت الفرقاطة "يو إس إس صامويل ب. روبرتس"، بلغم إيراني في المياه المحايدة، وفق الرواية الرسمية الأميركية، ما أدى إلى إصابتها بأضرار خطيرة، وردت الولايات المتحدة بعملية عسكرية أطلقت عليها اسم "فرس النبي"، ودمّرت خلالها سفينتين حربيتين إيرانيتين، ما أدى إلى مقتل 55 بحارا، في حين أُسقطت مروحية أميركية وقُتل طياراها.
هذه السلسلة من العمليات العسكرية المباشرة لم تنته بسلام بل بكارثة مأساوية، حدث ذلك بعد عدة أشهر، حين أسقط الطراد الأميركي طائرة ركاب مدنية إيرانية فوق الخليج بواسطة صاروخ مضاد للجو، ما أودى بحياة 290 شخصا، بينهم 66 طفلا.
احتجاز زورقين أميركيين
في السنوات اللاحقة، حدثت احتكاكات عدة، كان بعضها بالغ الخطورة، بما في ذلك واقعة احتجاز البحرية الإيرانية زورقين حربيين أميركيين على متنهما 10 بحارة، تسعة رجال وامرأة، كانا اخترقا المياه الإقليمية الإيرانية في كانون الثاني 2016.
في المرة الأخيرة انتهت المشكلة بسلام، وتم إطلاق البحارة بعد وقت قصير من احتجازهم، على الرغم من قيام حاملة الطائرات "ترومان" بمناورة خطرة وإرسالها طائرة مروحية في محاولة لإنقاذ البحارة الأميركيين، وقيام بحرية الحرس الثوري بإجراءات مضادة.
(روسيا اليوم)