Advertisement

لبنان

"جريمة المونديال" تابع.. "محمد" لم تقتله رصاصة طائشة!

خاص "لبنان 24"

|
Lebanon 24
28-06-2018 | 08:33
A-
A+
Doc-P-488178-6367056664054814885b34d3fde43dd.jpeg
Doc-P-488178-6367056664054814885b34d3fde43dd.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

فرقَع البرازيلي فرحاً.. انتقم الالماني، فمات لبناني. أقصر قصة حزينة قد تسمعها في لبنان حالياً، لكن ما تحتويه من تحليلات وتفكيك ألغاز لها خلفيات نفسية وانسانية وأخلاقية وإجتماعية واقتصادية، تحتاج الى الكثير من التشخيص والتعمق في دراسة ظاهرة القتل "غير المبررة" التي تتفاقم منذ حوالى السنتين، حتى أصبح البلد يشتهر بأنه بلد المجانين!

هكذا إذاً، حين يفرح اللبناني، تتحول الفرحة الى كارثة، وحين يحزن، يبتلي بأحدهم غضباً. هل سمعتم في بلد آخر غير لبنان عن شخص يُقتل بسبب "أفضلية المرور" أو "النسكافية" وأخيراً "التزريك والمفرقعات"؟


في تفاصيل كارثة أمس، بحسب المعلومات الأولية، إن المشجع البرازيلي محمد زهر (20 عامًا) كان يحتفل بالفوز ويطلق المفرقعات في مقهى في منطقة المريجة حين هاجمه اثنان من جيرانه، وهما من مشجعي المنتخب الألماني، طعنه الاول بسكين (17 اعما) فتوفي فوراً! غادر محمد الحياة ودمعة والدته ستظل تصدح في أرجاء المكان ألماً ومرارةً، ربما هو قدر، لكن سبب الوفاة تستدعي التوقف عندها وطرح السؤال التالي: لماذا قد يقتل لبناني جاره على خلفية "المونديال"؟

  
الطبيب والباحث في علم الدماغ السلوكي سعد أنطون أجاب عن هذا السؤال في حديث مع "لبنان 24" فأشار الى 3 عوامل أساسية: الثقافة والمحيط الذي يعيش فيه القاتل، علاقته مع ذاته،  ومستوى الوعي لديه"، مؤكداً أن الشخص الذي يعاني من مستوى متدنٍ من تقدير الذات، يحتاج عادة الى مرجع او انتماء خارجي، بغض النظر إن كان سياسيا أو رياضيا أو عائلياً (فريق فوتبول او طائفة أو حزب أو بلد او منطقة)، وبالتالي، هذا الانتماء يولد لديه نوعا من التماهي المطلق فيشعر أن هذا الفريق أصبح هويته، وفي حال سخر منه أحدهم، يشعر إن وجوده الشخصي هو المتعرض المباشر، ومن وجهة نظره، إن هذا الشخص يسخر من هويته وشرفه وعرضه.
هذا هو السبب العلمي للجريمة، لكن أنطون يشير الى أمر آخر ربما حصل بينهما ليكون الفتيل الذي أشعل الشراراة الاولى والذي ادى الى الكارثة الكبرى.


الرأي العام اللبناني وجد الحل، وهو بإعدام القاتل ليكون عبرة لمن اعتبر، ما رأيك؟ في هذا الصدد، يشدد الطبيب على أن عقوبة الإعدام لا تعيق الآخرين عن الأفعال المشينة، وذلك يعود الى أن الجريمة "غير المبررة" لا تكون مدروسة ومخطط لها، وبالتالي فإن محاسبة القاتل لا تنفع، لانه شخص تعرض لفورة غضب أفقدته القدرة على الإدراك والوعي الذاتي"، مضيفاً إن "المحور الأساسي لاي سلوك بشري هو الفورة الانفعالية للمشاعر حيث يكون الإنسان غير قادر على ادارة الوعي لديه فيقوم  بسلوك إجرامي بشكل غير إرادي".
 
لماذا اللبناني يعاني من "الفورة الانفعالية" التي تجرده من عقله أكثر من غيره؟ يجيب سعد: "بشكل عام، إن التشخيص الدقيق للبنانيين يشير الى أنهم يعانون من وعي قليل وانفعال سريع في مجتمع لبناني "متخلف"، شارحا إن "اللبناني منذ ولادته بدل أن يصرخ "ماما" يقول "مال"، أي تولد لديه منذ الصغر حب المادة، وهذا طبعاً يعود الى التربية، ويكون هاجسه الوحيد في سن المراهقة هو جني المال بأسرع وقت من دون أي جهد لتثبيت موقع مهم له في المجتمع، ولعل هذه النماذج من الشباب نراها دائما على جانب الطرقات تدخن النرجيلة والسيجارة.
 
هل هذه الاسباب كافية لتبرير ارتكاب جريمة قتل؟ يستطرد سعد في الشرح قائلاً "لا سبب في العالم يبرر قتل انسان آخر، حتى الجرائم "المبررة" أو المبنية على الثأر لا نبررها ونصف القاتل بأنه "غير سوي" عاطفيا وعصبياً، لكن الابحاث العلمية جميعها أظهرت أن الشخص الذي يقتل يعاني من عدم الاستقرار والتوازن العصبي، والدليل أن الدراسات التي استتدت على تشريح لجثث القتلى، وجدت أن هناك نقصاً أو خللاً عند بعص الهرمونات المسؤولة عن السلوك وأهمها "سيروتونين".
 
في البحث بعمق عن مكامن وأسباب أي جريمة في لبنان حالياً، تظهر الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها اللبناني كإحدى الاسباب الرئيسية، فهل هذه الجريمة نموذج آخر منها؟ وهل يبحث الناس عن "الهوية" حين يضل طريقه في بلده؟ يستنكر الطبيب هذا الربط، ويؤكد أن هناك دولاً عدة تواجه مصاعب ومشكلات أكبر من تلك التي نعانيها في لبنان لكن بمعدلات جرائم أقل"، مشيرا الى أنها قد تكون سبباً "مساهماً"  لكن ليس "رئيسياً"، مشدداً على أن "هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من مشكلات وظائفية واجتماعية واقتصادية لكن لا يرتكبون أي جرم".


"الدمّ اللبنانية حامية" وهذا أمر مفروغ منه. يهب اللبناني ناراً في كل مرة يواجه موقفا "استفزازيا" أو يسمع كلمة أو تعليق لا يحبذه، حتى أصبح البحث عن "قطعة الثلج" التي تطفئ الحريق الذي يشبّ بداخله "كل ما دقّ الكوز بالجرة" أمراً بالغ الأهمية. محمد لم تقتله رصاصة طائشة هذه المرة بل شخص "غير سوي" لم يستطع أن يتحكم بمشاعره، أو ربما مجتمع بحاجة ماسة الى إعادة تكوين وبناء من جديد، فهلا نبدأ قبل أن نشهد على مجزرة جماعية قريبة؟!

 

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك