عقدت مجموعة العمل للحوار بين الأديان والثقافات التابعة للبرلمان الاوروبي ندوة في مبنى البرلمان في بروكسيل - بلجيكا تحت عنوان "الحوار بين الاديان والثقافات في العلاقات الدولية" بحضور رئيس المجموعة جيورجي هولفيني وعدد من النواب وممثلين عن مختلف الطوائف من الدول الاوروبية.
وكانت مداخلة لرئيس الرابطة المارونية في بلجيكا المهندس مارون كرم الذي أكد ان لبنان غالباً ما يعطى كنموذجاً للعيش المشترك لان هناك 18 طائفة تعيش معا وقبول الآخر هو العنوان المشترك بينهم، ولذلك قال عنه البابا القديس يوحنا بولس الثاني انه "بلد الرسالة" وهو بلد الحوار بين الأديان في أرض الارز.
ولفت كرم الى انه دون النظام الفدرالي أو الكونفدرالي يقوم النظام السياسي اللبناني على توزيع الوظائف العليا للدولة بين الطوائف الدينية الرئيسية، وهي تقسم بين المجتمعات الرئيسية الثلاث:
فرئيس الجمهورية من الطائفة المسيحية، ورئيس مجلس الوزراء من الطائفة السنية، ورئيس المجلس النيابي من الطائفة الشيعية، وهذا منذ نيل الاستقلال في العام 1943.
وقال كرم: "كما يتم تطبيق هذا المبدأ واعتماد التكافؤ بين المسيحيين والمسلمين عامة خلال تشكيل الحكومات وفي الإنتخابات النيابية، ويتم احترام هذا التكافؤ بدقة دون مراعاة الوزن الديموغرافي لأحدهما والآخر، مع العلم أن المسيحيين يمثلون، على الأكثر، 40٪ من السكان".
واضاف:"يعتبر لبنان دولة مدنية رغم أن ادارته تتم وفق هذا النظام الطائفي الذي يأخذ بعين الاعتبار المجتمع المحلي على جميع مستويات النظام السياسي تقريباً، وهذا التوزيع الطائفي تطلق عليه تسمية الميثاق الوطني والمشاركة، وعليه يمنع استبعاد أو تهميش أو عزل اي من المجتمعات في عملية صنع القرار السياسي"، مشيراً الى أن "السلطات الدينية سواء كانت مسيحية أو إسلامية اوغيرها لها رأيها السياسي ويؤخذ به من قبل من يديرون البلد"، مؤكداً ان البلد يخضع للدستور الذي ينص على المساواة بين الجميع أمام القانون ولا يفرق بين اللبنانيين على اي أساس ديني او طائفي.
واضاف كرم: "من ناحية أخرى، يتم الحكم على قضايا الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق والميراث من قبل المحاكم الدينية التابعة لكل مجتمع او طائفة".
واكد ان "تفاقم الأزمة السورية يؤدي الى عدم الاستقرار في لبنان الذي بات لا يحتمل أكثر مما يعاني مع وجود عدد كبير من اللاجئين ما سيرتب اعباء اضافية على جميع المستويات، والمطلوب مساعدة المجتمع الدولي في ايجاد الحلول السريعة لعودتهم الى بلدانهم مع الحديث عن مناطق آمنة أصبحت متوفرة لهم".
واعتبر انه "لو كان النظام اللبناني يعمل بشكل جيد، لكان من شأنه أن يحول دون حربين أهليتين في أقل من 40 سنة وأزمات سياسية متكررة، مثل الأزمة التي دارت منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، وتفاقمت منذ اندلاع الأزمة السورية منذ 7 سنوات، وتتجلى العيوب العديدة في النظام مع الانقطاع الحالي لكل المؤسسات وفي التأثيرات الإقليمية، حيث يتم دعم الطائفة الشيعة والطائفة السنية على التوالي من قبل إيران والسعودية، وكذلك المسيحيين من الغرب، وهذا كله يحصل منذ عشرات السنين، لذلك لا يجد الشباب أنفسهم في هذا النظام الذي يحتاج إلى إصلاحات عميقة. وهذا ما يعتقده الكثير من الناس أن العيش معًا لا يجب أن يفرضه القانون بل العيش على أساس يومي ويمكن أن يكون لبنان مصدرًا للإلهام. واليوم لا يجرؤ أحد على التساؤل حول منافع مجتمع متعدد الثقافات، حيث توجد ثقافات ومذاهب مختلفة تشكل دعامة لتماسك بلد ما".
وختم: "من خلال معارضة أولئك الذين يشكون في إمكانية تغيير الوضع في مناطق النزاع، نجيب على أن الوساطة والتكيف هما مفتاح الانفصال والإحباطات التي تعانيها مجتمعاتنا. لذلك يجب أن نتحرك نحو مزيد من المساواة والاحترام والعدالة العالمية، ويجب أن يساعدنا الوعي الذاتي، واحترام الآخرين، وتجاربنا السابقة يجب ان تساعدنا على التطور نحو عالم أكثر أمناً، لا يمكننا تغييره ولكن يمكننا التصرف في المستقبل".