كتب جورج شاهين في صحيفة "الجمهورية": فرضت مبادرة "حزب الله" المشاركة في إعادة النازحين السوريين تحديداً سريعاً للمواقف منها. فالحزب شريك عدد من الهيئات التي تناقش هذا الملف، كان حاضراً في اللجنة الوزارية التي واكبته وهو عضو في الهيئات التي شكلتها رئاسة الحكومة وفي عدد من المبادرات الأهلية. وعليه، كيف تلقّف الأطراف المعنيون من ممثلين حكوميّين سياسيين وحزبيين هذه المبادرة؟
ليست المرة الأولى التي يبادر فيها "حزب الله" لمواجهة أحد الملفات الضاغطة، فمشاركته في الحرب السورية والعلاقات التي نسجها مع القوى المتنازعة على الساحة السورية على كل المستويات الإقليمية والمحلّية والدولية أتاحت له أن يبادر من موقع متقدّم يمكنه أن يقارب ملف النازحين السوريين. فإلى قدراته الذاتية التي يمكن أن يستخدمها هناك قدرة على ملاقاة الأطراف الأخرى ولا سيما منها النظام السوري بنحوٍ لا يتمتع به أحد سواه.
وعليه، لم يُفاجأ عدد من الأطراف التي شبكت أيديها معه في هذا الملف بالمبادرة التي أطلقها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الجمعة الماضي. فقد كان معظمُهم في الأجواء قبل ايام من الكشف عنها فسجّلوا مواقفهم منها، فجاء البعض منها قاطعاً فيما تردّد آخرون في البحث والتأنّي في ما يمكن أن تعكسه أو تؤدّي اليه المبادرة بوجوهها السياسية والشعبية، الإقليمية والدولية، فالمجتمع الدولي طرف في هذه المبادرات المتتالية التي انطلقت في الفترة الأخيرة بتنظيم الأمن العام وبالتنسيق مع المفوّضية الأمَميّة لشؤون اللاجئين.
على وقع المواقف المتناقضة ممّا يحوط بهذا الملف أنجز الحزب استعدادته للمبادرة قبل أن يطلقها. فشكّل لها أطرَها السياسية والحزبية والإدارية ـ التنظيمية وأبلغ الى مختلف الأطراف قبل ايام ما ينوي القيام به، فهو لن يبقى في موقف المتفرّج.
وفي لقاءٍ عُقد بعيداً من الأضواء أبلغ ممثل الحزب الى مختلف الأطراف المشاركة فيه، وهم من المعنيين حكومياً، ومن مختلف الأحزاب والقوى اللبنانية من أقصى ما كان يشكل 14 آذار الى أقصى 8 آذار، ما ينوي القيام به. مؤكّداً أنّ جميع الخطوات المتّخذة ستؤدّي الغاية منها عبر المؤسسات الرسمية، ولا سيما منها المديرية العامة للأمن العام من دون إغفال دور المؤسسات الأُمَميّة وعلمها.
قال ممثل الحزب في اللقاء إنه "لا يمكنه البقاء متفرّجاً، فآثار النزوح كبيرة وخطيرة على مجتمعنا، ومَن يعتقد أنه في منأى عن تردّدات هذا الوجود ليس من المقيمين على الأراضي اللبنانية، فالحكومة ليست في وارد التحرّك والإتّصال بالنظام باستثناء بعض المبادرات التي يقوم بها الأمن العام وبعض اللجان السورية المحلية التي شكلتها الكتل النازحة الكبيرة في بعض المناطق، وإنّ له موقعاً اليوم يمكّنه من القيام بجهد ما ينعكس على المجتمعين اللبناني والسوري معاً".
في ذهن العارفين بمواقف الحزب وخلفياته وجوانب مختلفة من النزوح السوري أنّ الحزب أنجز منذ عامين خطة واقعية كبيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت أعقبت ما كان يمكن تسميتُه "النزوح السوري الفوضوي" فيها وفي مناطق مختلفة من الجنوب وتمكّن من تحجيم انعكاساته على أبناء تلك المناطق. فالأحداث الأمنية التي واكبت انتشار بسطات ومحال بيع الخضار في الضاحية التي يديرها سوريون ما زالت ماثلة في أذهان الجميع، فانتظم الوجود بالحدّ الأدنى في المنطقة وتمّ الفصل بين اليد العاملة اللبنانية والسورية وتمّ الحفاظ على مصالح اللبنانيين الى حدود معقولة.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا
(الجمهورية)