"لقاء كسر الجليد بين الطرفين" بهذه العبارة يمكن اختصار اللقاء الذي جمع أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، من دون أي إضافات خصوصاً وان اللقاء السريع، الذي لم يدم سوى 20 دقيقة، لم يتطرق الى موضوع تشكيل الحكومة والحصص الوزارية.
وفي هذا الاطار، سألت مصادر مطلعة لصحيفة "النهار" عن جدوى اللقاءات الاخيرة خصوصاً وانها لم تتناول الملف الحكومي وبالتالي هل كانت المبادرة الرئاسية الى دعوة كل من جعجع وجنبلاط الى قصر بعبدا تقتصر فقط على التهدئة السياسية والتمهيد للاتصالات اللاحقة التي يفترض ان تنطلق بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من اجازة سريعة في الخارج.
ماذا دار في اللقاء؟
وأشارت معلومات لصحيفة "النهار" الى ان اللقاء السريع بين الرئيس عون وجنبلاط، تخلله نقاش عام حول العناوين الكبيرة والملفات الاقتصادية والمعيشية وملف الكهرباء. وكان تأكيد مشترك لحماية وحدة الجبل وتنوعه وتعدديته من دون التطرق الى الملف الحكومي الذي يتشبث الحزب التقدمي الاشتراكي و"اللقاء الديموقراطي" بموقفه منه من حيث الحصول على الحقائب الوزارية الدرزية الثلاث.
وأشارت صحيفة "الأخبار" الى ان الرئيس عون استهل حديثه مع جنبلاط بعبارة مفتاحية: "حرصي شديد على وحدة الجبل وتنوّع الاحزاب"، وذلك في معرض تأكيد أهمية أن يكون التمثيل في الجبل وزارياً كما أفرزت الانتخابات النيابية تنوّعاً في التمثيل، فكان أن ردّ جنبلاط بالتعبير عن تقديره لهذا الحرص على وحدة الجبل. واقتصر الحديث بحسب صحيفة "الأخبار" الى الحديث عن النقاط التالية:
- موضوع الجبل لجهة تعزيز الوحدة، لأن أمان الجبل مؤشّر للأمان في لبنان.
- موضوع مصالحة الجبل، على قاعدة تحريم المساس بها بأي شكل من الأشكال.
- العلاقات بين بعبدا والمختارة، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وأهمية فتحها على نقاش وحوار هادئ لتثبيت المشتركات الكثيرة ومعالجة الاختلافات القليلة.
- الشكوى المشتركة من الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحقن الاجواء بشحنات لا مبرر لها من التشنج.
- التقارير التي ترفع إلى رئاسة الجمهورية تباعاً، وتتضمن تحذيراً من موجة الشحن الطائفي والمذهبي التي يشهدها الجبل، الأمر الذي يقتضي من الجميع الترفع عن كل الحساسيات والحسابات لمنع الانزلاق الى أمور يصبح معها البلد في مكان آخر.
أما موضوع تأليف الحكومة، ووفق معلومات الجانبين، فقد تم المرور عليه في سياق عابر، ولم يجرِ الحديث لا عن الحصص ولا عن الحقائب، مع تأكيد مشترك أن "تخفيف التشنج من شأنه أن يساعد في حلحلة العقد".
وعلمت "اللواء" الرئيس عون وجنبلاط شكا من الحملات المستعرة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تؤثر سلبا على العلاقة بين أبناء الجبل.
ورأت المصادر لـ"اللواء" أن جنبلاط مرر ما أراد تمريره، لافتة إلى أن ما قام به رئيس الجمهورية لجهة اللقاء مع جنبلاط يساعد على تخفيف التوتر ما بين الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحرّ الأمر الذي ينعكس حلحلة في الملف الحكومي.
ورأت المصادر أن هناك توجها لدى الرئيس عون قائم على معالجة التشنج قبل الحديث حكوميا، ومن هنا توقعت مواصلة المساعي الرئاسية دون معرفة ما إذا كانت تشمل السنة المستقلين أم لا، علماً ان هؤلاء سيعاودون الاجتماع اليوم بعد ان انخفض عددهم إلى ستة نواب من خارج تيّار "المستقبل".
اللقاء كان ايجابياً
مطّلعون على لقاء عون –جنبلاط وصفوه لصحيفة "الجمهورية" باللقاءَ بالإيجابي "ذلك انّ عون لم يكن ينتظر من اللقاء اكثرَ ممّا أراده. فهو دعا الى عقده في اطار مساعيه لتعزيز اجواءِ التهدئة ووقفِ الحملات المتبادلة على اكثر من مستوى. وبحسب المطلعين فقد تمّ تناوُل الملف الحكومي من باب المجاملة عند الحديث على أهمية انطلاق العمل في المؤسسات الدستورية وهو أمرٌ ينطلق من تشكيل الحكومة الجديدة لمقاربة الملفات المفتوحة على شتّى الاحتمالات. وتوافق عون وجنبلاط على استحالة مقاربة ملف التشكيل والعقد التي تحول دون إتمامها قبل توفير أجواء الهدوء في البلاد بعيداً عن التشنّج.
ولفتت "اللواء" الى انه وبحسب ما تجمع لدى المعنيين من معطيات، فإنه صحيح ان لقاء الرئيس عون بجنبلاط، لم يتطرق إلى الحكومة، وهذا ثابت بتأكيد جنبلاط ونواب "اللقاء الديموقراطي" وكذلك أوساط بعبدا، وانه نجح في إعادة وصل ما انقطع من لقاءات من آخر لقاء بينهما في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، وبالتالي ساهم في التخفيف من التشنج والاحتقان السياسي الذي تفاقم مع "التيار الوطني الحر" خلال الانتخابات النيابية، ثم زاد مع نتائجها، إلا ان ذلك لم يلغ السؤال عن الأسباب التي حالت دون طرح الموضوع الحكومي، طالما هو الأساس فيما يزيد من حدة التوتر السياسي، ولماذا استعاض عنه الرئيس عون بالتشديد على المصالحات والعيش المشترك في الجبل والهوس من الحملات المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين مناصري "التيار الحر" والحزب الاشتراكي، ومن ثم الخطة الاقتصادية الإنقاذية التي وضعتها شركة ماكينزي الأميركية قبل ان يختم متمنياً ان يكون اللقاء بداية حوار بين الطرفين لتكريس المصالحة في الجبل، من دون ان يوضح أو يُحدّد الجهة التي ستتولى متابعة هذا الحوار.
وفي هذا الاطار، رجح مصدر في كتلة اللقاء الديمقراطي لـ "الحياة" أن تكون مبادرة عون إلى الاتصال بجنبلاط ودعوته إلى زيارته تمت بتشجيع من الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، مشيراً الى وجود انطباع لدى جنبلاط ونواب الكتلة بـ "أن البعض يسعى للترويج أنه وراء العقدة الدرزية أمام تأليف الحكومة، في وقت المشكلة عند غيره ممن يريد أن يفرغ نتائج الانتخابات النيابية من مضمونها حيث برهن أهالي الجبل وفاءهم للحزب وخياراته ورموزه في دوائر الشوف- عاليه وبعبدا والبقاع الغربي ومرجعيون- حاصبيا". وأشار المصدر إلى أن جنبلاط يرى أن هناك من يتربص بحزبه بهدف تحجيمه قبل الانتخابات وبعدها، على رغم نجاحه في حصد أكثرية الأصوات الدرزية وحافظ على نسبة عالية من المؤيدين في الطوائف الأخرى مع حلفائه، وهو لن يقبل بالتنازل أمام محاولة إضعافه هذه". واعتبر المصدر في "اللقاء الديموقراطي" أن جنبلاط يتشدد في حصة حزبه بحقيبة خدماتية أساسية مثل وزارة الصحة أو وزارة الأشغال.
التهدئة التي تمّ الاتفاق عليها، حملها معه جنبلاط الى اجتماع "كتلة اللقاء الديمقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط، وهو اجتماع كان مقرراً قبل زيارة بعبدا، حيث تمّ بحثها والتشديد على ضرورة الالتزام بها، كما بحث مع الكتلة موضوع تشكيل الحكومة والنازحين.