هدنة هشّة فرضتها اللقاءات الأخيرة التي عقدت بين قيادات التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، في مسعى لانقاذ ما يمكن انقاذه من التفاهم المسيحي الذي وقّع في معراب. ولعلّ كلام وزير الخارجية جبران باسيل قبيل سفره، أعاد خلط الأوراق خصوصاً لناحية التفاهم المسيحي وامكانية ايجاد مخرج ملائم للتخبط الحكومي.
أين أصبح تفاهم معراب؟
لم يخف أكثر من مصدر سياسي لبناني لصحيفة "الشرق الأوسط" أن يأخذ تأليف الحكومة وقتاً إضافياً، ولن يتم في سرعة طالما أن معالجة عقدة التمثيل المسيحي بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في الحكومة ستنتظر الحوار الذي انطلق بينهما حول قضايا الخلاف السياسي في ترجمة تفاهم معراب، والتي ظهرت تباعاً على مدى السنة ونصف السنة الماضية من ولاية الرئيس ميشال عون.
وفي هذا السياق، قالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية": القوات متمسكة بما افرَزته الانتخابات، وهي غير مستعدّة للمساومة على الامانة التي منَحها لها الناس، ولديها وجهة نظر ستشرَحها للوزير جبران باسيل مناقضةً تماماً لوجهة نظره، معتبرة أن هناك من يخفي وراءَه محاولات لتحجيم "القوات"، وهذا امرٌ مستحيل، فضلاً عن انّ هناك طريقة احتسابية اجرَتها "القوات" وستشرحها لباسيل بالتفصيل.
وأكّدت المصادر انّ "القوات" ترفض الاقتصاص او الانتقاص من حصّتها، ومِن هنا فإنّ المفاوضات ستكون طويلة وصعبة وشاقّة، ولكن لا نتراجع، وإذا كان المطلوب هو تدوير الزوايا، فهذا يعني تدويرَ زوايا من قبَل الطرفين وليس من قبَل طرف لطرفٍ آخر يَعتبر نفسه منزَّها، والآخَرون يتنازلون له.
وقالت المصادر، وبقدرِ ما نتمسّك بالحوار نتمسّك بتفاهم معراب، وهذا الملف سيأخذ شرحاً مستفيضا بيننا وبينهم، فالقوات لن تقبل على الاطلاق اتّهامَها عند كلّ مفترق انّها ضد العهد، في حال اعترَضت على موقف لباسيل. نحن مع العهد في العناوين الكبرى، وأمّا في العناوين الاخرى فلكلّ طرف موقفٌ يتناسب وقناعاته، وغيرُ مقبول ان يقدّم احدٌ نفسَه على الآخرين ويقول أنا القاطرة وأنتم المقطورون.
وفي هذا الاطار، تؤكد مصادر مواكبة لتفاهم معراب، لصحيفة "الحياة" أن الفريقين الأساسيين على الساحة المسيحية، متفقان على تكريس المصالحة المسيحية التي تمت عام 2015 بينهما، ثم في اتفاق معراب على تأييد العماد عون للرئاسة، إلا أن ما حصل من تباعد بينهما في ملفات كثيرة بدءاً من الشق المتعلق ببواخر الكهرباء وصولاً إلى التعيينات الإدارية والقضائية والأمنية، وإلى الانتخابات النيابية التي افترقا وتنافسا بشدة خلالها، باتت تفرض مراجعة هي التي اتفق وزير الإعلام ملحم رياشي مع رئيس "التيار الحر" الوزير جبران باسيل على مقاربتها، ليجري في ضوء النتائج البحث في الحصص الحكومية المتنازع عليها.
وتقول المصادر إن اللقاءات بين رياشي والنائب إبراهيم كنعان ستتكثف في الأيام المقبلة ريثما يعود باسيل من السفر، بهدف تفنيد كل الملفات ومراجعة تاريخ العلاقة وتحفظات كل من الفريقين عن سلوك الآخر.
الكتائب: للاسراع في التأليف ووقف السجالات
وعلى المقلب الآخر من الساحة المسيحية، استغرب مصدر مسؤول في حزب الكتائب لـ"النهار" التأخير في تشكيل الحكومة "وقت تغرق البلاد في مزيد من الأزمات الاقتصادية والمعيشية وتزداد يومياً أرقام العجز في الموازنة والدين العام كما ترتفع الفوائد على الودائع المصرفية في مؤشر اقتصادي ومالي سيئ، ويرتفع عدد الاساتذة المصروفين من المدارس نتيجة الخلاف على سلسلة الرتب والرواتب".
وقال المصدر: "على رغم المواقف والتصريحات الصادرة عن الرؤساء والوزراء والكثر من القادة التي تعترف بهذا الواقع وتحذر من خطورة التأخير في وضع المعالجات المطلوبة على السكة الصحيحة، نرى ان التصرفات تناقض تماما هذه التحذيرات ولا سيما لناحية ما تشهده عملية تشكيل الحكومة من صراعات على الأحجام والأوزان الحزبية في وقت يكاد مصير لبنان واللبنانيين يصبح في مهب الريح".
ودعا المعنيين الى "وقف فوري للسجالات ووضع حد سريع للخلافات التي يدفع الشعب اللبناني ثمنها من استقراره الاجتماعي ومتطلباته الحياتية والمعيشية".