كتب سامي خليفة "المدن": بعد وقت قصير من حرب تموز 2006، أعطى الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش موافقته على إطلاق عملية مشتركة مع الموساد الإسرائيلي لتحديد مكان القيادي في "حزب الله" عماد مغنية واغتياله. إذ تعتقد إسرائيل أنه كان مسؤولاً عن نتائج تلك الحرب أكثر من أي شخص آخر. وقد شارك الأميركيون في العملية لاتهامهم مغنية بشكل مباشر بالمسؤولية عن مقتل مئات المواطنين الأميركيين. ورغم مرور فترة طويلة على هذه العملية، أعادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" فتح قضية مغنية لتكشف بعض المعلومات الجديدة.
وُضع مغنية قبل اغتياله ولأسابيع عدة، وفق "يديعوت أحرونوت"، تحت مراقبة مشددة ومعقدة للغاية من قبل وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العاصمة السورية. وفي صباح 12 شباط 2008، كان الوقت مناسباً لتنفيذ عملية الاغتيال. اقترب مغنية من السيارة التي زُرعت فيها القنبلة، وكانت الإصبع على زر التفجير، لكن اتضح بعد ذلك أنه ليس بمفرده. تمت مشاهدته مُتكئاً على سيارة، يُجري محادثة ودية مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.
أراد قادة العملية الذين تفاجأوا بوجود سليماني اغتنام الفرصة لقتل عصفورين بحجر واحد. فقد شارك سليماني، وفق الموساد، في العديد من الأنشطة ضد إسرائيل وكان مسؤولاً عن مقتل إسرائيليين. لذلك، قال أحد مسؤولي المخابرات حينها: "دعونا نقتلهما معاً". لكن في ذلك الصباح، بقيت الإصبع على الزر من دون تحريكها. والسبب هو أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية كانت ممنوعة رسمياً من تنفيذ الاغتيالات. إذ كان المستشارون القانونيون للوكالة قد توصلوا بعد هجمات 11 أيلول إلى حل معقد يمنع الاغتيالات، ويسمح "بالقتل المستهدف" في المناطق التي تخوض فيها الولايات المتحدة معركة.
هذه الخدعة سمحت لوكالة المخابرات المركزية الأميركية شن حملات اغتيال مكثفة ضد تنظيم القاعدة في أفغانستان واليمن والعراق. وفي تلك الأيام، كان للولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع سوريا وسفارة نشطة في دمشق. وبعبارة أخرى، لم تُدرج سوريا وفق الصحيفة تحت فئة "منطقة القتال".
لهذا السبب، أكد بوش أن العملية بأكملها ستستهدف مغنية فحسب. ووفقاً لتقارير غير إسرائيلية، أجرت وكالة المخابرات المركزية والموساد سلسلة من التجارب على القنبلة الخاصة التي زُرعت بدلاً من العجلة الاحتياطية لسيارة جيب "ميتسوبيشي باجيرو"، للتأكد من أنها ستقتل شخصاً واحداً فقط يقف عند زاوية معينة بجوار السيارة. لكن في ذلك الصباح كان مغنية وسليماني يقفان في تلك الزاوية ويعانقان بعضهما مثل الأصدقاء القدامى. وبما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت كان مصمماً حينها على الوفاء بوعده لبوش، أمر الموساد بتجنب اتخاذ أي إجراء ضد قائد فيلق القدس، فنجا سليماني واغتيل مغنية في المساء نفسه.
بعد عقد من هذا الانفجار في دمشق، يشعر عدد من مسؤولي الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، وفق "يديعوت أحرونوت"، بالندم الشديد على حقيقة أن سليماني لم يتم اغتياله في ذلك الوقت مع مغنية. فلقد حولت تركيبة القدرات العملية والكاريزما الشخصية سليماني إلى واحد من أكبر التهديدات لإسرائيل.
وتكشف الصحيفة أن مغنية خطط لخطف الجنديين الإسرائيليين إيهود غولدفاسر وإلداد ريجيف في 12 تموز 2006، من دون إبلاغ سليماني، الذي كان غاضباً من ذلك. وقد كان سليماني، كما تزعم الصحيفة، محقاً، فنتيجة القتال كشفت قدرات "حزب الله". ما دفع إسرائيل إلى تطوير نظام القبة الحديدية وغيرها من الأنظمة التي تتعامل مع التهديدات التي حاول سليماني خلقها.
(المدن)