ترتسم في بيروت شكوكٌ متزايدة حيال إمكان الافراج، وفي وقت وشيك، عن الحكومة الجديدة التي كُلف الرئيس سعد الحريري تشكيلها بعيد انتخابات 6 أيار النيابية، الأمر الذي يزيد من وقع الأسئلة عما اذا كانت المصاعب التي تواجه ولادة الحكومة ناجمة عن تعقيدات محض داخلية تتصل بصراع الأحجام داخل السلطة والتوازنات فيها أم انها نتيجة عوامل خارجية ترتبط باستحقاقاتٍ في المنطقة المفتوحة على تحوّلات لم تبلغ نهاياتها بعد.ولأنه يصعب رؤية لبنان معزولاً عن العصف الاقليمي - الدولي المتعاظم، فإن دوائر مراقبة في بيروت تعتقد ان "حدَثاً من نوع معاودة تركيب السلطة في لبنان عبر حكومة جديدة لا يمكن ان يجري بمعزل عن حسابات ترتبط بالاعتبارات الخارجية ولا سيما في ضوء الأحداث الكبيرة، من قمة الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وأولوياتها الشرق أوسطية، الى الترتيبات اللاهبة للتفاهم جنوب سورية، مروراً بـ "حرب النفط" على إيران والصراع على حافة مضيق هرمز وخيبة طهران الأوروبية، إضافة الى مجريات الوضع في اليمن بعد معركة الحديدة".وترى هذه الدوائر تبعاً لذلك ان "لبنان لن يكون في منأى عن ضغوط رديفة كإمتدادٍ للاستراتيجيات المناهِضة لايران ونفوذها في إطار إظهار "الأثمان الباهظة" لأي تسليمٍ لإرادة طهران عبر "حزب الله"، وهو ما قد يترجم بتوسيع دائرة العقوبات على الحزب لتشمل حلفاء له، والتشدد في "العين الحمراء" الأمر الذي قد يفاقم أزماته المالية البالغة الحساسية".وإذ اعتبرت أوساط سياسية واسعة والاطلاع في بيروت عبر "الراي" ان "طباخي" الوليمة الحكومية في لبنان يأخذون في الاعتبار ما يحوط البلاد من تحديات ترتبط بـ "حرب النفوذ" في المنطقة، فإنها بدت حاسمة في ان الخارج لا يتدخل في مفاوضات تشكيل الحكومة وما يعتريه مسارها من صعود وهبوط، فالمسألة ترتبط بمجموعة من المنازعات التي لا يستهان بها حول عقد التمثيل المسيحي والدرزي والسني، وإن بمستويات مختلفة تجعل من صراع الأحجام بين "التيار الوطني الحر" برئاسة الوزير جبران باسيل و"القوات اللبنانية" برئاسة الدكتور سمير جعجع الأكثر محورية وحساسية لارتباطه بما هو أبعد من المقاعد الوزارية".
(الراي الكويتية)