مع عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري وتوقّع عودة الرئيس سعد الحريري في الساعات المقبلة، تعود عجلة التأليف الى الدوران على الرغم من كل السهام التي صابتها الاسبوع الماضي. ومن المتوقع ان يباشر الحريري فور عودته لقاءاته حيث من المتوقع ان يزور القصر الجمهوري وعين التينة، على وقع إشارات عن امكانية تقديمه مسودة جديدة لحكومته الثلاثينية، ووفق معايير تمثيلية يمكن ان تحظى بتوافق الاطراف حولها.
لقاءات سريعة للحريري
مصادر رئاسية اكدت لـ"الجمهورية" انّ إمكانية اللقاء بين الرئيسين عون والحريري طبيعية وواردة في اي وقت، لكن في ما خصّ اللقاء المقبل بينهما، وبصرف النظر عن موعد حصوله، لا معطيات في القصر الجمهوري حول ما يمكن ان يطرحه الرئيس المكلّف. والصورة نفسها في عين التينة، حيث ينتظر الرئيس بري عودة الحريري وما سيطرحه عليه ليبني على الشيء مقتضاه.
ولفتت المصادر الى أنّ استمرار الوضع على ما هو عليه لن يطول، ولا بد من خطوة ما ستتخذ في وقت قريب بانتظار ان يكتمل حضور المسؤولين وبدء الاتصالات التي سيستأنفها رئيس الجمهورية في الوقت المناسب، من دون الكشف عن ماهية هذه الإتصالات ومضمونها.
وفي حين توقع مصدر في قوى 8 آذار حصول خرق معين في جدار تأليف الحكومة، أوضحت مصادر على صلة بعملية تشكيل الحكومة لـ"اللواء"، انه مع عودة الرئيس الحريري من اجازته سيجدد اتصالات تأليف الحكومة، وتبريد الأجواء كما فعل سابقاً، وهو سيعمل مع رئيس الجمهورية على حلحلة العقد التي باتت سياسية بإمتياز ولا علاقة لها بعملية تشكيل الحكومة، بل هي بين قوى متصارعة على عدد من الأمور، في إشارة إلى النزاع القائم بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية".
ولم تستبعد المصادر ان يُطلق الحريري حركة ناشطة باتجاه كل الأطراف، وقد يتقدّم بصيغة جديدة لتشكيل الحكومة، تحدثت بعض المصادر المتابعة، عن انها قد تكون عشرينية لتخفيف مطالب القوى السياسية، إذا وافقت الأطراف السياسية المعنية عليها، والا يعود الحديث عن صيغة ثلاثينية يريدها الجميع، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية، رغم ان هذه الصيغة تعني بقاء عقد التمثيل المسيحي والدرزي والسني من خارج "تيار المستقبل" على حالها.
وقالت مصادر قريبة من "بيت الوسط" ان الرئيس الحريري مصر على تشكيل الحكومة في أقرب وقت وانها ترى ان الأمور ما تزال في وقتها الطبيعي، لكن ذلك لا يعني الاستمرار في المراوحة، وبالتالي فإن الرئيس المكلف الذي لا يمكن ان يتنازل عن صلاحياته سيتخذ الموقف المناسب ويعلن عن الحكومة في الوقت المناسب، استناداً إلى ما يقوله الدستور بعيداً عن كل الأعراف التي يحاولون فرضها عليه.
وعن اللقاء مع الرئيس بري، أشارت المعلوات لـ"اللواء" أن هذا اللقاء المهم سيكون تحت عنوات التشاور في ما حصل ويحصل من تطورات سواء على صعيد عملية تأليف الحكومة، أو على صعيد الصراعات التي انفجرت، وهو سيضع الرئيس بري في طبيعة الجهود التي قام بها في غيابه لتبريد الأجواء السياسية تمهيداً لتأليف الحكومة في أجواء هادئة.
في المقابل، نقل مقربون جداً من الرئيس الحريري عنه قوله قبل مغادرته بيروت، الأسبوع الماضي، في إجازة عائلية خاصة أنه لن يعتذر عن تأليف الحكومة "مهما طال أمد التأليف". وكشف المقربون لـ"الأخبار" أنّ الحريري أبلغ ذلك صراحة إلى وزير الخارجية جبران باسيل خلال آخر لقاء جمعهما. وقال الحريري إنّ العقد السياسية التي تؤخر التأليف الحكومي "ليست عندي، وقد تفاهمت مع رئيس الجمهورية ميشال عون على خريطة طريق لحلها".
حزب الله متشائم
اما مصادر "حزب الله"، فقد كانت بدورها أكثر تشاؤماً، إذ توقعت عبر "اللواء" ان لا يختلف الأسبوع الطالع عن سلفه بالنسبة إلى تأليف الحكومة، "فلا انفراجات متوقعة، بل توقعات بمزيد من التأزم مع إصرار بعض الاحجام على الانتفاخ والمقامرة، وسط غياب التصورات الواضحة للحل على خط الرئيس المكلف".
أزمة خماسية
التشاؤم السائد عند حزب الله، تحدثت عنه مصادر قريبة من مطبخ التأليف عبر صحيفة "الجمهورية" مشيرة الى ان عملية التأليف لم تتقدّم قيد أنملة حتى الآن بل هي في تراجع مستمر الى ما دون الصفر، وهي مرشحة الى مزيد من التعقيد، خصوصا مع تزايد حلقات مسلسل الازمات التي تتوالد على خط التأليف. وهذه الأزمة الخماسية تتلخّص على الشكل التالي:
- الصلاحيات: أزمة الصلاحيات التي أطلّت برأسها من بعبدا وبيت الوسط، واثارت في اجواء الطرفين علامات استفهام حول من هو صاحب الصلاحية في تشكيل الحكومة، وهذا ما دعل العلاقة متوترة على خط بيت الوسط – بعبدا، وما بين الرئيس الحريري والوزير باسيل.
- أزمة أحجام: وهذه الأزمة التي تجسد بالحرب الكلامية بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية في أكثر من مناسبة وصولاً الى نسف تفاهم معراب، وقد باتت هذه الأزمة مفتوحة على اكثر من صعيد.
- أزمة المعايير المتناقضة: هذه الأزمة كان حذّر منها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في وقت سابق، حيث دعا الى اعتماد معايير موحدة في عملية التأليف، وهذه المشكلة قد تخلق أزمة جديدة أمام التأليف الحكومي، في عملية تمثيل الثنائي الشيعي.
- سنّة المعارضة: هذه الأزمة عالقة بين رفض الرئيس المكلّف توزير ايّ من هؤلاء، وحصر التمثيل السني في الحكومة بمَن يسمّيهم الحريري، وبين إصرار في المقابل على تمثيل سنّة المعارضة، ولا سيما من قبل "حزب الله"، الذي أبلغ مطبخ التأليف، طلباً مُلحّاً بهذا المعنى.
- الأزمة الدرزية: أزمة التمثيل الدرزي، لم تحسم بعد، وهي من شقّين: الأول يتصل بحجم تمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يملك كتلة من 9 نواب، إذ ما زال التجاذب قائماً حول ما اذا كانت حصة الاشتراكي وزيرين او 3. وامّا الشق الثاني فيتعلّق بحصر التمثيل الدرزي بالاشتراكي، المقبول من قبل الرئيس المكلّف والمرفوض من قبل التيار.