بعنوان "تهريب البشر سوق رائجة على الحدود اللبنانية ـ السورية"، ورد في صحيفة "الشرق الأوسط": تتشعب السيناريوهات لعودة النازحين السوريين من لبنان إلى بلادهم، إلا أنها لا تلحظ السيناريو المتواصل الذي يتجاوز القوانين والإجراءات المتبعة لعبور الحدود بن البلدين. عنوانه "تهريب البشر" وهو سوق عمل رائجة، تعرف الجهات المختصة بوجودها وكذلك المنظمات الدولية. ويتم غض النظر عنها معظم الأحيان، ليعود التشدد لدى وقوع أحداث مأساوية كما حصل مطلع العام الحالي مع وفاة عدد من السوريين في الجرود الحدودية تحت وطأة الثلج.
إلا أن رحلة "تهريب البشر" لا تتوقف مع مواسم التشدد الأمني على الحدود. ترتفع تكاليفها فقط. هي متواصلة وسهلة وشبه علنية. "الشرق الأوسط" شاركت تجربة مجموعة تولاها سماسرة التهريب من مكتب للسفريات إلى سوريا قرب سوق الخضار في منطقة صبرا. المتمركزون هناك داخل المكاتب "النظامية" يصطادون الزبائن، يفاوضونهم على تسلل سهل وآمن ويجملون المغامرة التي قد تقود إلى الموت.
والزبائن هم في الغالب ممن لم ينجزوا أوراق إقامتهم اللبنانية، ولا يسمح لهم الأمن العام اللبناني بالمغادرة قبل استيفاء رسوم ترتيب أوضاعهم. هنا يأتي دور التهريب، كما تقول أمل لـ"الشرق الأوسط" عن تجربتها، فسمسار التهريب وعد زوجها، الذي يعمل في البناء، بأن تعبر الحدود خلسة في سيارة عبر طرق مؤمَّنة وتصل إلى قريتها في ريف حماة مقابل 400 دولار.
دفع الزوج سلفاً. وانطلقت الحافلة في الواحدة ظهراً مع الركاب ليعبروا الحدود وفق الأصول، بالإضافة إلى أمل والمجموعة.
السادسة مساءً، وصلت الحافلة قبيل نقطة المصنع البقاعية حيث الأمن العام اللبناني. في أرض مقفرة نزل أفراد المجموعة. تسلمهم سمسار آخر كان بانتظارهم وقادهم إلى خرابة جلسوا فيها حتى حلَّ الظلام. وأمرهم بالصمت المطبق.
تقول مريم لـ"الشرق الأوسط": "جاء السمسار وسلمنا إلى مجموعة من المسلحين يقودهم المهرب. طلبوا إلينا تسلق جبل حاد الانحدار. رفضتُ وقلتُ إنني دفعت مقابل سيارة تُقلّني وأولادي على خط عسكري كما قالوا لي". مريم التي دفعت مع أولادها الخمسة ألف دولار للعبور، توضح: "كانوا حازمين وخيَّرونا بين تسلق الجبل أو العودة أو الوقوع في يد دورية حرس الحدود. وممنوع الكلام. حتى لا ينتبه رجال الدورية".
تبدأ المجموعة التسلق ركضاً وينتهي الكلام المباشر لتتواتر المعلومات عبر "واتساب" لمتابعة الرحلة والاطمئنان على أحوال المتسلقين.
قال المهربون لأمل ورفاقها إن عبور الجبال لن يستغرق إلا ساعة، بعدها يعودون إلى الحافلة التي تنتظرهم في المقلب الآخر ويتابعون رحلتهم وصولاً إلى مقصدهم. "كانوا يكذبون. بقينا نركض لأكثر من ثماني ساعات، نصعد ونهبط في الظلام. فقدت حذائي وسال الدم من قدميّ، هددني المهرب بتركي وحدي في العراء إن لم أسرع، سندني أحد أفراد المجموعة وجرَّني حتى تمكنت من اللحاق بالآخرين".
(الشرق الأوسط)