التعقيدات والمآزق التي ما زالت تواجه تشكيل الحكومة منذ لحظة التكليف من الحصص الوزارية الى نوعية الوزارات وتوحيد المعايير وتجاوز الصلاحيات تتفاقم وتنمو كالفطريات في الغابة، تحوي من "الفرغلا والخرنق والهجرس" أشكالاً وألواناً، دون أن نعلم ما اذا كان "الضّيغم" سيوسد نحو التشكيل، وعلامَ الخلاف؟ إذ إن "السعير" أحاطهم، و"شيخ النار" - إبليس يقف فيما بينهم، والجميع يتساءل هل ستتراءى نارهم فتنزل على الوطن بردا وسلاما أم أن "ابراهيم" حاجة أيضا ليفتي بينهم، وأين هذا اللواء من مزاياهم؟
ولمن لم يفهم مقدمة المقال جيدا، فهو لم يقرأ أيضا تغريدات يوم أمس السيبويهية الحافلة، التي وقعت بين الوزير وائل بو فاعور ووزراء التيار الوطني الحر، والتي استقت سهامها في معاجم السياسة، فشرد الناس بها وبتفسيراتها ونسوا المرامي في التأليف والتشكيل وأن غداً يوم آخر من التعقيد!
ما تزال الشروط التي يتمسك بها التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل، عقبة أساسية امام الرئيس المكلف، من حيث انتهاك المعايير ومحاولة تثبيت ازدواجية التكليف بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري، ليصبح الأمر عرفاً غير شرعي ويخالف الميثاق والدستور. فمنذ الرابع والعشرين من ايار الماضي، ورغم تأييد 111 نائباً تكليف الحريري ما زالت الأمور تراوح مكانها ولا تقدُّم يذكر كأنّ من أيد التكليف يرفض التشكيل غصباً او "نكاية" أو ارتباطا بالتزامات داخلية او خارجية.
كما أن ثاني الأثافي، محاولة اعطاء "القوات اللبنانية" حصتها العددية من الوزراء ضمن حقائب سيادية على مبدأ "الدَّين" إذ يرى مطّلعون على الوضع العام، بأن السند يبدو مشروطا بعام الاستحقاق القادم 2022، على ان يكون الدفع نقدا، وهذا مرفوض لدى رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع سواء من حيث النهج او الاسلوب.
ومن جهة اخرى، فإن ثالث الأثافي، تُغرز في صدر "التقدمي الاشتراكي"، رغم أن جنبلاط مدرّع بنتائج الانتخابات والمختارة محصّنة بوحدة الجبل باركها صفير وسقاها الراعي ما دفع "البيك" الى تهدئة "الرفاق" ووقف الاشتباك، علماً بأن الوزير وليد جنبلاط يكاد يكون الأجدر في قصف الجبهات، فمن ينسى عبارته الشهيرة: "افرنقعوا من حولي"؟ وما أدب "الفاعور" في علم المعاني سوى رد مرحليّ براجمة كلمات من العيار الخفيف لا تصيب التيار الوطني بمقتل ولا تحمي وادي "ابو جميل" مطلقا ولمكّة رب يرعاها!
الرئيس المكلف سعد الحريري، نأى بنفسه عن سجالات الأمس، عبر مشاركته في منتدى الاقتصاد والاعمال ومن ثم حضوره حفل تخريج طلاب جامعة AUST ونيله أيضا الدكتوراه الفخرية التي يبدو بحاجة اليها في هذه الأيام العجاف! وإذ جاء تساؤله أمام حشد الخرّيجين، سؤالاً لنفسه ايضا "الكل يتساءل متى يتمّ تخريج التشكيلة الحكومية" وكأنّي به غير مكلّف ولا التشكيل من صلاحياته!!
إذاً، "ان ماتت عقبة قامت عقبة" إذ ما لا شك فيه ابدا ان الطريق وعرة بعد التأليف، والمطبات بعد ولادة الحكومة والبيان الوزاري أسوأ واقسى، حتى وإن كانت مواكب الزعماء مريحة وفارهة، الا ان حجم المطبات قد يعطّل السيارة وهل من يد اصلاحية تمتد و"تدفشها دفشة"؟؟ ومن يعش يرَ !!