دخلت عملية تأليف الحكومة مرّة جديدة في إجازة بعد سفر الرئيس المكلف سعد الحريري الى مدريد على ان ينتقل بعدها الى لندن، وسفر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى الولايات المتحدة الاميركية تلبية لدعوة نظيره الاميركي. الاّ ان مصادر "بيت الوسط" قالت لـ"الجمهورية" إنّ "الاتصالات لتسهيل ولادةِ الحكومة العتيدة ليست في إجازة، وإنّ فريق العمل يواصل سعيَه لفكفكةِ العقدِ المانعة الاتفاقَ على الحكومة الجديدة، مشددة على أن الحريري "لم يَحِد عن هدفه الذي اعلنَ عنه منذ تكليفِه. فهو يريد تأليفَ "حكومة توافُق وطني" وليس من أهدافه الدخول في أيّ مناكفات سياسية".
وأكدت المعلومات لـ"اللواء" أن الرئيس الحريري سيقوم بعد عودته من الخارج، بوضع مسودة حكومية جديدة يحملها إلى رئيس الجمهورية للتشاور في شأنها، ومن هنا جاء جزم الرئيس عون امام زواره أمس بأن الأسبوع المقبل سيكون حاسما بشأن ولادة الحكومة، وان الرئيس المكلف سيتخذ القرار في عملية التشكيل، مؤكدا ان الحكومة الجديدة ستكون صورة عما افرزته الانتخابات النيابية على أساس القانون النسبي، أي ان كل مكوّن سيتمثل بحجمه التمثيلي الشعبي وإلا فلماذا ناضلنا من اجل القانون النسبي.
تدخلات خارجية
في هذا الوقت، عبرت مصادر وزارية مقربة من العهد لـ"اللواء" عن قلقها من وجود قطبة مخفية كبيرة وراء المماطلة في حصول تقدم على صعيد تأليف الحكومة، مرجحة ان تكون العقد خارجية وليس فقط داخلية، "حيث ان هناك العديد من الدول العربية والاجنبية ومنها اسرائيل قد لا تريد تشكيل الحكومة في هذا الظرف الاقليمي والدولي الضاغط، او انها لا تهتم سواء شُكّلت ام لم تشكل الحكومة".
ورأت المصادر "ان الاحتمالات كثيرة وراء عدم وجود رغبة خارجية، منها ربما ما يتعلق بـ"حزب الله" ومنها ما يتعلق بالموقف من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري"، وقالت: من غير المقنع ان يكون الخلاف على الاحجام والحقائب فقط هو وراء هذه المماطلة في تشكيل الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة على أجواء التأليف لـ"الجمهورية": "لا شكّ في انّ موضوع تأليف الحكومة بات يرتبط بمقدار كبير بأطراف خارجية، وأصبح واضحاً أنّ أحد الاطراف الاقليميين يَهدف الى تأمين "الثلث المعطل" أو "العُشر المعطّل" داخل الحكومة بغية إحداثِ توازنٍ بين ما أفرزَته الانتخابات النيابية وبين القرار داخلَ الحكومة اللبنانية». وأضافت: "أنّ الرئيس المكلف الواقعَ بين سندانين، ربّما يلجأ الى طرفٍ دولي ويطلب منه التدخّلَ لدى ذلك الطرف الإقليمي من أجلِ مساعدته على حلّ هذا الأمر".
الحكومة والثلث المعطّل
وكشَفت مصادر مطّلعة على أجواء التأليف لـ"الجمهورية" أنّ سبب عدم اجتماع الحريري وباسيل في "بيت الوسط، هو أنّ الاخير ابلغَ الى الرئيس المكلف أنه لن يتدخّل بعد اليوم في عملية التأليف وأنّ الموضوع ليس عنده وأنّه يَسمع كلاماً مفادُه أنه هو من يعطّل التأليف "في حين أنّ القرار هو في يد الرئيس المكلف".
وأشارت المصادر لـ"اللواء" إلى "أنّ الثلث المعطل يعتمد على حصّة "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدّمي الاشتراكي" معطوفةً على حصّة "المستقبل"، ويشترط أن يكون الوزراء الدروز الثلاثة من حصّة وليد جنبلاط لتوحيدِ موقفِهم وقرارهم، وهو ما يُعدّ سابقةً، إذ لم ينفرد جنبلاط على مرِّ الحكومات بالتمثيل الوزاري الدرزي الكامل". وكشَفت أنّ الحريري "عندما أسرَّ في جلسات خاصة بهذا الشأن كان مقتنعاً بأنّه لا يحتاج الى ثلثٍ معطّل كونه رئيسَ حكومة وفي يدِه صلاحيات الدعوة الى مجلس وزراء ورفعِ الجلسة وعدم إدراج أيّ بندٍ خِلافي. كذلك فإنّ رئيس الجمهورية لا يحتاج الى هذا الثلث، وبالتالي فهو مقتنع بأنّ حكومة الوفاق الوطني التي يعمل على تأليفها لا يَحكمها مفهوم الثلث الضامن".
ونقل عن النائب السابق وليد جنبلاط قوله ان "الامور ما تزال مكانها، وانه ليس في وارد تقديم تنازلات ما لم يقدم غيره على تقديم تنازلات مماثلة، من قبل فريق بعبدا والنائب جبران باسيل".
الحريري منزعج
وعلى خط آخر، ترددت معلومات عن انزعاج الرئيس الحريري من رغبة الرئيس برّي بعقد جلسة عامة للمجلس النيابي، الأسبوع المقبل، للتشاور في الأوضاع العامة ومنها الموضوع الحكومي، على اعتبار ان انعقاد مثل هذه الجلسة قد يفسّر على تحميله شخصياً مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة، وربما كان هذا الأمر أحد دوافع زيارة الرئيس فؤاد السنيورة إلى عين التينة، أمس، حيث من هناك على ضرورة "العودة إلى احترام اتفاق الطائف واحترام الدستور الذي انبثق عن هذا الاتفاق والعودة إلى احترام القوانين من قبل الجميع»، وحيث أكّد ايضا ان الرئيس برّي حريص مثله على الاحترام الكامل للنصوص الدستورية".
وفيما أكدت مصادر الرئيس برّي ان الجلسة هي للتشاور في كيفية الخروج من الأزمة، وحث المعنيين بتشكيل الحكومة على الخروج من حال المراوحة، وليس لتحميل المسؤوليات لهذا الطرف، أو ذاك،
وأشارت المصادر لـ"الحياة" إلى أن "الرئيس بري يعلم أيضاً أن مثل هذه الجلسة التي يلوّح بالدعوة إليها لا بد من أن تمثل نوعاً من الضغط السياسي على المعنيين بإنتاج الحكومة من أجل التنازل لمصلحة لبنان واللبنانيين الذين يمرون في حال من الضيق بكل ما هو قائم بفعل الاعباء المالية والمعيشية الضاغطة".