Advertisement

لبنان

الصداقة هي الوجه الآخر غير اللامع للحب

Lebanon 24
24-07-2018 | 00:58
A-
A+
Doc-P-496235-6367056725289862105b56b20d1017d.jpeg
Doc-P-496235-6367056725289862105b56b20d1017d.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger

كتب المفكر والإعلامي والديبلوماسي الراحل واجد دوماني في العديد من الصحف والمجلات، وأغنى صفحاتها بما كتب عن الفكر والأدب والثقافة والإعلام والسياسة والصحة والإنسان وشؤون الحياة، بأسلوب يعتمد العمق والبساطة والسلاسة والأناقة في آن، وينبع من غنى الثقافة وغزارة الإطلاع وعمق التجارب. بعض مقالاته يعود إلى الستينيات، ومع ذلك فإنّ القارىء يتفاعل معها وكأنها كتبت اليوم، ولقد اختار"لبنان 24" إعادة نشر هذا المقال، وعنوانه: "الصداقة هي الوجه الآخر غير اللامع للحب":

بالرغم من سمو عاطفة الحب النبيلة، وبالرغم من الدراسات والكتابات الأدبية والشعرية التي تناولت تلك العاطفة النبيلة وتحدثت عنها، وأشادت بها، وقفت عند ظلالها طويلاً بالرغم من كل ذلك، فإن هناك إجماعاً عاماً، على أن الصداقة هي أفضل من الحب..

فإذا كان الحب إحساساً بين شخصين فقط، فإن الصداقة تمس البشرية جمعاء.

والصداقة تعتبر من الظواهر الطبيعية الإنسانية التي تعرضت لها، وبشكل مكثف مختلف الحضارات الأدبية على مختلف أشكالها واتجاهاتها وتياراتها إذ تساوى في ذلك الشعراء والأدباء بل والأفراد العاديون.

والصداقة تعقد بين مختلف الأعمار.. فهي تنمو بين الفتيان الحديثي العمر، وتنتهي بسرعة، وتمضي كشعاع البرق.

ولكن الصداقة بين البالغين قد تستغرق فترة غير قصيرة، وتستمر فترة طويلة، وقد تظل وطيدة الأركان لا تنفصم عراها، على مدى الزمن إذا كانت قائمة على دعائم من الأخوة الخالصة، بعيدة عن الأغراض الشخصية متحررة من المصالح التجارية، يكون التقارب النفسي بين الطرفين، هو اللمحة التي تمدها بالحياة والديمومة والصداقة الحقيقية هي في الواقع من طبيعتها أن تهذب الإنسان، وتصقل عواطفه، وأفكاره فهي كما قال أحد الحكماء: إنها الوجه الآخر غير اللامع للحب، ولكنه لن يصدأ أبداً إذ ينظر إلى هذا النوع من الصداقة، بأنه أفضل العلاقات الإنسانية ولأنه يرتبط بالعقل والمروءة والشهامة ومكارم الأخلاق ويبعد عن الفرد نزوات العشق والهوى والشهوة والنفع المادي!! صدق من قال رب أخ لك لم تلده أمك.

وسأل أحدهم شخصاً بقوله: هل تحب أخاك أكثر أم صديقك؟

فقال: أحب أخي عندما يكون صديقي، فالصداقة هنا تحمل معنى التعامل. فالتعامل هو الأساس، وهو القاعدة الذهبية التي ترتكز عليها العلاقات الإنسانية.. أليس الدين بالتالي هو التعامل؟ إن فن التعامل هو الفن الأبقى والأصل، والأنقى، الذي يبقى رسوخاً مع الأيام فالصداقة هي فن التعامل، ذلك أن الصديق الحق لا يرى في صديقه إلا نفسه بل هو جزء مماثل يتمم له ما ينقصه.

والصداقة كأي شيء ثمين ينبغي أن تصان ويعنى بها، العناية الصحيحة.. ذلك أن النوازع الإنسانية الكامنة في أعماق الإنسان، تشكل تهديداً مستمراً على علاقة الإنسان بالإنسان، هذه النوازع، بما تمثله من نزوات وأطماع وشرور وفجور من شأنها أن تنطلق بين وقت وآخر فتتفجر شظاياها على "بنيان الصداقة" وقد يتهشم هذا البنيان، أو يصاب بشقوق فعلى الصديق العاقل أن يكون متفهماً ومدركاً ومتوقعاً لهذه المفاجآت وحتى نكون واقعيين، ونحن نعالج مثل هذا الموضوع الحساس لا نترك أية ثغرة يتسلل منها سؤال خبيث فنقول:

من المعلوم أن مفهوم الصداقة قد تطور كثيراً، مع تطور الحياة العصرية القائمة على تشابك المصالح، وتداخل المنافع، وتنامي الأطماع وطغيان المادة وعبء الالتزامات المالية الناتجة عن توسع الحاجات بحيث أصبحت العلاقات الإنسانية تخضع لتحركات هذا التطور وبالتالي تتأثر به وتتفاعل فيه ثم تتحول هذه العلاقات إلى مرآة تنعكس عليها كل الصور والبصمات والأشكال والرسوم المنطلقة من "رحم" هذا الزمن الرديء إن صح هذا القول الذي نعيش الذي عمل على تضييق الخناق على المثل الأخلاقية وتحديد المساحة لتطلعاتنا نحو حياة أفضل بل تعامل أفضل وصداقة أجمل ومع ذلك ورغم ذلك نقول: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل فالبحث عن مساحة أرض مهما كانت ضيقة نبني عليها قلاعنا ونرفع راياتنا ونحمي من خلالها تراثنا هو المطلوب الأول والأخير.

 

Advertisement
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك