وضع ملف النازحين السوريين على سكة الحل، لا سيّما عقب الاجتماع الروسي- اللبناني، الذي من المتوقع أن يساعد على انهاء هذه المشكلة بالتعاون مع السلطات السورية. وفي هذا الاطار، أشارت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" الى وجود افكار معمّقة في حوزة الجانب اللبناني.
وباستثناء الإعراب عن ارتياحه، لم يكشف الطرف اللبناني أي تفاصيل مرتبطة بالخطة الروسية، إذ أكدت مصادر مواكبة لزيارة الموفد الروسي، أن لبنان لم يبدأ بعد أي ترتيبات، بانتظار ما ترشح عنه جولة الطرف الروسي، مؤكدة لـ"الشرق الأوسط" أن هذه الخطوة "هي الأولى في ملف إعادة النازحين"، لكنها شددت على أن الارتياح "ينطلق من كون الروس أخذوا على عاتقهم هذه المهمة"، فيما ستلي المرحلة الأولى "خطوات عملية تحصل لاحقاً"، وفي مقدمها تشكيلة اللجنة الروسية – اللبنانية - السورية المشتركة.
وقالت المصادر: "لا يمكن التنبؤ بالفترة الزمنية التي سيبدأ التنفيذ خلالها، فما زلنا في الخطوة الأولى، أو حتى السابقة لها"، من غير أن تنفي أن المهمة ستواجهها تعقيدات ستعمل الأطراف على حلها، بينها تصديق أوراق الولادات السورية في لبنان، أو تصديق الشهادات الجامعية، وغيرها من التفاصيل التقنية المرتبطة بعودة النازحين.
لبنان قبل الاردن
واشارت المصادر الى انّ المبادرة، وإن كانت تشمل الجانبين اللبناني والاردني، الّا انها قد تصل في تطوراتها الى تقديم الجانب اللبناني على الاردني، وهذا معناه انّ الكرة قد رميت في الملعب اللبناني ليكون جاهزاً لهذا الاحتمال في اي لحظة. وبالتالي، تحضير الارضية اللازمة والاجراءات اللوجستية التي تجعل من ملف النازحين في لبنان جاهزاً للتنفيذ.
واولى هذه الاجراءات هي قيام الجانب اللبناني بإعداد ملف كامل متكامل يتضمّن إحصاء دقيقاً وواضحاً للعدد الحقيقي للنازحين، وتحديداً دقيقاً لعدد النازحين لأسباب أمنية، والنازحين لأسباب اقتصادية وغيرها، وتحديد الاماكن التي قدم منها كلّ نازح.
واكدت المصادر الديبلوماسية لـ"الجمهورية" انّ من اهم أسباب نجاح هذه المبادرة، واي عمل يصبّ في خدمتها، هو تحصين التجاوب اللبناني معها بموقف سياسي جدي وموحد قولاً وفعلاً، وقبل كل ذلك إخراج الملف برمّته من بازار المزايدات السياسية.
الّا انّ المصادر لفتت الانتباه الى انه لا يمكن إنجاح المبادرة، على الرغم من اهميتها القصوى، من طرف واحد، اي من الطرف الروسي وحده، بل يجب ان يكون هناك غطاء دولي واضح، بالتوازي مع دور اميركي مباشر وفاعل.
التوجه الى التطبيع
ولفتت مصادر دبلوماسية لـ"اللواء" إلى ان هذا التطور الدولي المحلي سيشكل هو الآخر عنصر ضغط لمصلحة المنادين بإعادة العلاقة السياسية بين لبنان وسوريا، نظراً إلى ان عودة النازحين لا يمكن ان تتم من دون تنسيق يتعدى الشق الأمني، مثلما هو حاصل بواسطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وأكدت أوساط سياسية في الفريق المناهض لإعادة هذه العلاقة، ان كل ما تكشف عن الاجتماعات اللبنانية - الروسية أثبتت ان لا دور للنظام السوري الذي تنحصر العلاقة معه بموسكو، وكل كلام خلاف ذلك لا يمت إلى الواقع والحقيقة بصلة، ويدخل في إطار التهويل والتضليل، معتبرة ان كل المحاولات الجارية على خط التواصل المباشر مع سوريا من أي جهة أتت سيكون مصيرها الفشل.
وفي هذا الاطار، كان الرئيس سعد الحريري، وفق ما أشارت الأوساط، واضحاً جداً بتعامله مع الجانب الروسي، حيث أكد مراراً وبشكل متكرر رفضه التعامل المباشر مع النظام السوري.
تحركات ديبلوماسية
هذه التحركات الروسية استدعت حركة ناشطة لبعض السفراء بين المقرات الرسمية والمراجع المعنية بعيداً من الاضواء من أجل استكشاف المبادرة وتفاصيلها والظروف التي دفعت اليها.
وعلى هذه الخلفيات رصدت حركة السفير الفرنسي برونو فوشيه الذي زار امس القصر الجمهوري في بعبدا، قبل ان يزور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وهو سعى بحسب "الجمهورية" الى استكشاف واستطلاع شكل ومضمون الآلية المقترحة من الجانب الروسي لعملية اعادة النازحين، وموقف لبنان منها، وعلى ايّ مستوى ستشكل لجنة التنسيق المشتركة مع الجانب الروسي وهل سينضمّ اليها الجانب الأميركي؟ وهل من أطراف اخرى يمكن ان تنضَمّ اليها، في إشارة غير مباشرة الى دور النظام السوري في هذه الآلية.