تجهد القوى السياسية للحصول على الثلث المعطل في الحكومة المقبلة، وقد يكون الأمر هو المعطل الفعلي للتشكيل بغض النظر عن العقد التي يحكى عنها بإستمرار في الإعلام والسياسة. فعلى سبيل المثال، يرغب "التيار الوطني الحرّ" ورئيس الجمهورية ميشال عون أن يكون من حصتهما 11 وزيراً ما يوازي الثلث زائداً واحداً، كما يسعى الرئيس المكلف سعد الحريري إلى أن يكون الثلث المعطل من حصته وحلفائه في "القوات اللبنانية" والحزب "الإشتراكي".. لكن يبقى السؤال لماذا الثلث المعطل في هذه الحكومة بالذات؟ وماذا يقدم للقوى السياسية المتنافسة؟
تقول مصادر "التيار الوطني الحرّ" أن الثلث المعطل ضروري للتعويض عن صلاحيات رئيس الجمهورية لأنه يصبح لديه قدرة الضغط والتصويت الفاعل داخل مجلس الوزراء، لكن هنا يُطرح السؤال، هل يمكن لأي حكومة أن تستمر أو لأي قرار مصيري أن يؤخذ في حال إنسحاب 10 وزراء مسيحيين منها بالتوازي مع رفض رئيس الجمهورية؟ الجواب البديهي: الأمر غير ممكن في بلد تحكمه التوازنات..
وترى المصادر أن الكتلة الشيعية بدورها ليست بحاجة إلى الثلث المعطل، إذ إن الميثاقية ستؤدي في حال إستقالة الوزراء الشيعة الستة التابعين حصراً لكل من حركة "أمل" و"حزب الله" إلى عرقلة عمل الحكومة وتعطيلها وتعطيل أي قرار مصيري أو أساسي قد تحاول إتخاذه بمعزل عنهم، علماً أن "حزب الله" قرر بشكل حاسم ألا يخوض مجدداً سياسة الإنسحاب من الحكومة أو تعطيلها لأسباب كثيرة.
الأمر نفسه ينطبق على كتلة 14 آذار الوزارية التي لا يعرقل أحد حتى اللحظة وصولها إلى عتبة الثلث المعطل، لكن ومع ذلك، يمكن لإنسحاب الوزراء الدروز التابعين للحزب "الإشتراكي" تعطيل الحكومة أو تعطيل قراراتها الأساسية.
أما تيار "المستقبل" وبغض النظر عن عدد الوزراء السنة الذين سيكونون من حصته، 3، 4 أو 5، فإن لرئيس الحكومة الحق الحصري برفع الجلسات والدعوة إليها إضافة إلى إسقاط الحكومة عبر إستقالته.
من كل ما تقدم، يبدو أن الحديث عن المطالبة بالثلث المعطل "لزوم ما لا يلزم" في الحكومة المقبلة، من دون ذكر شبكة التحالفات المتداخلة التي تؤمن لكل فريق مجموعة من الحلفاء الذين يمكنهم مساعدته ودعمه في هذا القرار أو ذاك.