أعلنت إدارة المتنزهات الوطنية في الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، أن علماء الآثار عثروا على رفات ما يزيد على 12 جنديًا من ضحايا الحرب الأهلية، شمال مدينة ماناساس بولاية فيرجينيا الأميركية.
وعثر الخبراء على حفرة بعمق قدم تقريبًا، بداخلها رفات جنديين قتل أحدهما بطلقة أصابت فخذه الأيمن، وأطراف مبتورة لـ11 جنديا آخرين (9 أقدام وذراعين) قطعت أثناء معركة Bull Run الثانية في آب عام 1862، وفقًا لموقع "واشنطن بوست".
وأكد علماء الآثار أن اكتشافهم استثنائي إذ لم يعثر طيلة قرن ونصف القرن بعد المعركة على شيء من هذا القبيل، وقال الباحث براندون إس بيز الذي أخرج العظام من الحفرة: "كانت تجربة عاطفية رهيبة أن أحمل عظم فخذ جندي أميركي وبداخله الرصاصة التي قتلته".
ودرس علماء الأنثروبولوجيا من مؤسسة سميثسونيان الإصابات التي تعرض لها الجنديان، وفحصوا علامات البتر التي نفذها الجراحون على أطراف بقية الجنود الذين ما تزال هوياتهم مجهولة، ومصائرهم لغزًا مؤلمًا بالنسبة لعائلاتهم، إلا أن الأدلة الظرفية تشير إلى احتمالية انتمائهم للشمال.
ويعتقد الأطباء أن الرصاصة التي وجدت في فخذ الجندي الأول الذي لم يعثر على ثيابه، أطلقت من بندقية بريطانية الصنع شاع استخدامها من قبل الكونفدراليين (ينتمون لولايات الرقيق الجنوبية التي أعلنت انفصالها عن الولايات المتحدة عام 1861)، وأن الضحية الذي يبلغ طوله حوالي 5 أقدام و7 إنشات كان في العشرينيات من عمره حين قتل.
وأشار الباحثون إلى أن الجندي الثاني الذي يبلغ طوله حوالي 5 أقدام و5 إنشات دفن وهو مازال مرتديًا معطف الاتحاد (ملابس جنود الولايات الشمالية التي عرفت باسم ولايات الاتحاد)، وأنه كان في الثلاثينيات حين توفي متأثرًا بإصابات عديدة في ذراعه اليمنى، وفخذه وساقه اليمنى.
ويعتقد الباحثون أن الرجال أصيبوا أثناء هجوم محكوم عليه بالفشل، نفذته قوات الاتحاد ضد قوات الكونفدراليين التي كانت متمركزة في خط سكة حديد غير مكتمل على قمة أحد التلال في 30 آب عام 1862، أثناء معركة Bull Run الثانية، التي استمرت من 28 حتى 30 أغسطس، وكانت في ذلك الوقت أضخم معركة في نصف الكرة الأرضية الغربي، إذ شارك فيها حوالي 125 ألف مقاتل، وقتل ما يقارب 1700 من جنود الاتحاد و1200 من الكونفيدراليين الذين انتهت لمصلحتهم.
وكان بتر الذراع أو الساق المكسورة علاجًا شائعًا في ذلك الوقت، واستخدم فيه الجراحون المناشير والسكاكين، وكانت النتائج مروعة بعد كل معركة، إذ يذكر المؤرخون أن الأطباء رموا الأطراف المبتورة من النوافذ إلى حقل مستشفى ميداني بعد معركة Bull Run، فصار المكان أشبه بمسلخ بشري لا يمكن نسيان منظره المروع، وفقًا لجون ج. هينيسي، مؤلف كتاب "عن المعركة".
وأشار علماء الآثار إلى أن الحفرة اكتشفت لأول مرة أثناء عمليات تنقيب عام 2014 إلا أن فحصها بشكل كامل بدأ عام 2015، حيث نقلت أجزاء صغيرة من العظام التي وجدت داخلها إلى متحف "سميثسونيان" الوطني للتاريخ الطبيعي، واكتشف الباحثون أنها بشرية وأوصوا بالمزيد من الحفريات.
وقد تكشف الأبحاث الإضافية عن هوية الجنديين اللذين وجدت جثتيهما كاملتين، واللذين سيدفنان في القسم الجديد من مقبرة أرلينغتون الوطنية الذي سيفتتح هذا الصيف، إلا أن التعرف على أصحاب الأطراف المقطوعة قد يكون أسهل في الوقت الحالي لأن العديد من الأطباء احتفظوا بسجلات تحمل أسماء المرضى الذين قطعوا أذرعهم أو سيقانهم، كما يعتقد أن بعضهم نجا من الحرب.
(العربي الجديد)