كتبت صحيفة "اللواء": في العادة يُقال "مسك الختام"، لكننا هذه المرّة وفي معرض الحديث عن كتاب رئيس النادي الرياضي هشام عزّت جارودي "من القلب"، نُشير إلى "مسك البداية" ونعني بها الكلمات الإفتتاحيّة لكل من دولة الرئيس تمّام سلام، ودولة الرئيس سعد الحريري، ومعالي الوزير محمد المشنوق، والثلاثة عرفوه عن كثب، فكتب الرئيس سلام عن "هشام الذي أُحبّ"، والرئيس الحريري عن "هشام يُجسّد الوفاء"، والوزير المشنوق عن "شاهد على لبنان".
لا شك أن السيرة الذاتية لرئيس النادي الرياضي هشام جارودي وتجاربه ومسيرته في الحياة، تداخلت وتشابكت في نسيج فريد وعفوي مع سيرة رجالات البلد وتاريخ الوطن.
استعرض الكتاب تاريخ أسرة الجارودي، وإذا كان لكل امرئ من إسمه نصيب، ولأن إسم جارودي مشتق من لفظتي (جار) و(ود) أي الجار الودود، يتضح لنا من أين أتت سِمات اللطافة والودّ لدى هشام جارودي، والرغبة الدائمة في إشاعة جوّ السعادة من حوله، وربما خلفيّة تحيّة "أهلاً عريس وأهلاً عروس" التي يُرددها.
كما استعرض الكتاب مرحلة الطفولة والنشأة والعائلة، ومرحلة الدراسة انطلاقاً من ابتدائيّة المقاصد، مروراً بثانوية الآي سي، ووصولاً إلى كليّة الهندسة في الجامعة الاميركية، ثم التدريب في لندن. وتطرق الكتاب إلى هواية الخطّ الجميل، وتذوّق الشعر، ومتعة السفر، والرياضة.. هوايته ومتعته إلى الأبد.
القسم الرابع من الكتاب استعرض مرحلة العمل والزواج، حيث عمل لثلاث سنوات في جمعية المقاصد بناء على رغبة الرئيس صائب سلام وأشرف على مشروع مبنى البازركان (المقاصدي) في قلب بيروت. وبعد انتهاء المشروع انتقل للعمل في دولة قطر عام 1968، ثم تطورت أعماله وانتقل إلى اوروبا فعمل في فرنسا والبرتغال، وعاد إلى بيروت عام 1992 وقام بتشييد مشاريع سكنيّة.
اقترن من رفيقة عمره لينا عمر اللبان ورزقه الله ثلاثة أولاد، المهندسة المعمارية ناديا، والمهندس المدني تمام، والدكتوره في البحث الوراثي ثريا، وهو يُجيّر الفضل كله إلى زوجته التي أعطته مع أولاده معنى آخر لحياته لا يُدركه إلاّ من عرف نعمة الأبوّة ودفء العائلة، وكبر قلبه مع حنان الأحفاد وإشراقتهم.
في بداية النمو الفكري السياسي لهشام جارودي شكّل الرئيس صائب سلام النجم المتألق في سماء بيروت، والذي شغفه ضياؤه في ظلمات السياسة. وتفتحت بوادر الوعي السياسي لديه في ثانوية الآي سي وفيما بعد تعلق بمفاهيم القوميّة العربيّة وشارك في التظاهرات واللقاءات والندوات السياسيّة.
تردد هشام جارودي على دارة الرئيس صائب سلام منذ ثورة العام 1958، وكان مسؤول العلاقات العامة في انتخابات 1964 و 1968، و1972. ورافقه في معركة انتخابات رئاسة جمعية المقاصد 1968، وتشكيل حكومة الشباب 1970، ورافقه في سفره الى الخليج 1972، مروراً بأحداث الحرب الأهليّة، وحصار قصر المصيطبة وقصفه عام 1984، وظل على تواصل مع الرئيس صائب سلام في هجرته القسرية الى جنيف.
عمل مع الرئيس صائب سلام في دعم جمعية المقاصد ومستشفاها 1973، وكان من عداد مجلس إدارة الجمعية ومجلس الأمناء لسنوات عديدة، ثم تابع المشوار مع الرئيس تمّام سلام.
في العام 1987 التقى الشيخ رفيق الحريري في منزل الرئيس صائب سلام في جنيف، بعدها التقاه في مدينة الرياض واصبح مستشاره للشؤون الهندسية والعقارية، وكانت باكورة اعماله التحضير والإنجاز العقاري لمشروع وقوانين الوسط التجاري لبيروت (سوليدير)، وقام بعدها بشراء العقارات له.
كما كلفه الرئيس رفيق الحريري بمهام متعددة منها تجديد وترميم السراي الحكومي، وبناء الجامعة اللبنانية في الحدث، ومطار رفيق الحريري الدولي، وغيرها من المشاريع.
وبعد استشهاد الرئيس الحريري تابع هشام جارودي المسيرة مع الرئيس سعد الحريري، فيما بقي قريباً من الرئيس تمام سلام.
تأسس النادي الرياضي عام 1934 وكان الرئيس صائب سلام رئيسه الفخري (1945-1992) ومرّ النادي بمراحل عديدة من الصعوبات والإنجازات والتوقف القسري بسبب الأوضاع الأمنية، بما فيها احتلال أرضه من قبل القوات السورية. ولقد تمنى الرئيس الفخري للنادي الرياضي تمام بك سلام على هشام جارودي تولّي رئاسة النادي بسبب الظروف الصحيّة التي كان يمرّ بها رئيس النادي آنذاك وفيق النصولي، وتم انتخابه رئيساً للنادي في 29/8/1991.
وتوالت المشاريع والإنجازات وبطولات النادي المحليّة والاقليميّة، للرجال والسيدات، وفي ألعاب كرة السلة والاسكواش والمصارعة، بفضل «مهندس» التخطيط والتطوير والتحدي والمنافسة والمثابرة والعزم .. هشام جارودي.
"بين القصرين"، المصيطبة وقريطم، قضى هشام جارودي فترة طويلة من عمره، لكن البارز والإنجاز الأعظم هو القصر الذي شيّده لـ «النادي الرياضي".
(عيد الفتاح خطاب - اللواء)