كشفت حفيدة أحد أشقاء هيرمان غورينج، مؤسس شرطة الجستابو السرية النازية، أنها عمدت إلى ربط رحمها كي لا تلد "وحشاً" يشبه عمها الذي شارك فيما يُعرف بـ"المحرقة" أو "الهولوكوست" وأصدر أوامر الهجوم الجوي على بريطانيا.
بيتينا غورينج التي تعيش في سانتا بـ"نيو مكسيكو" حالياً، قالت إنها لجأت لتقنية "التعقيم"، وهي وسيلة دائمة لمنع الحمل بربط قناة "فالوب".
تمارس بيتينا صاحبة الستين عاماً-بحسب تقرير نشرته صحيفة دايلي ميل البريطانية- طب الأعشاب، وهي إحدى أقارب زعماء النازية سيئي السمعة، وقد كشفت كيف قامت هي وشقيقتها بتعقيم نفسيهما طوعاً، "لقد ربطت قنوات فالوب في عمر الثلاثين، خوفاً من أن أضع وحشاً آخر".
كما أضافت: "أنا أشبهه، نفس العينين وعظام الخد والشكل العام، أشبهه أكثر من ابنته". وجاءت تعليقاتها كجزء من البرنامج الوثائقي الذي يدور حول الأطفال المنسيين للرايخ الثالث، الذين تسبب آباؤهم أو أعمامهم وأخوالهم في بعض أسوأ الأعمال الوحشية في التاريخ.
عائلتي النازية وأنا
تجمع هؤلاء الأحفاد معاً في برنامج وثائقي، بثته قناة MDR بعنوان: "عائلتي النازية وأنا"، ليشهد على الماضي الرهيب الذي يطاردهم.
واستغرق إعداد هذا البرنامج حوالى 3 سنوات إلى أن اكتمل. أما بالنسبة للذين شاركوا فيه فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يمكنهم فيها التغلب على العار والحديث عن كيفية الحياة مع ثقل ذكرى جرائم أقاربهم.
وتزوجت كاترين هيملر حفيدة هاينريش هيملر، قائد القوات الخاصة النازية المسؤول عن برنامج الإبادة والرجل الذي يلي هتلر، من يهودي إسرائيلي، وتفكر كيف أنها "ذات يوم ستحكي لابنها حكاية هاينريش عمّه الكبير".
وأضافت: "لا أعتقد أنني ورثت شرّه، لكنني أحمل اسمه. حين كنت في الحادية عشرة أُذيع في ألمانيا مسلسل تلفزيوني للمحرقة. جلست يومها على مكتبي وشرعت في البكاء بعدما تكرر اسم هيملر مراراً وتكراراً. أعرف أنه كان أسوأ قاتل جماعي في العصر الحديث، لكنني لست مسؤولة عن ذلك".
كما شاركت في البرنامج مونيكا هيرتفيج، ابنه آمون غوث قائد معسكر الموت النازي، وهو الشخص الذي مثّل رالف فينس دوره في قائمة شندلر، مصوراً إياه كأحد المنفذين القساة في معسكر الموت وكان يطلق النار على السجناء من شرفة منزله.
ووصفت مونيكا كيف يبدو واقع قرابتها لرجل كان يطلق النار على الأطفال من باب "الرياضة".
كما شارك أيضاً نيكولاس فرانك، ابن هانز فرانك الحاكم الوحشي لبولندا المحتلة تحت إمرة هتلر، المسؤول الرئيسي عن معسكرات الإبادة هناك، حيث قُتل 6 ملايين يهودي.
وعلى الرغم من إعدام هانز فرانك على يد الحلفاء بعد الحرب، إلا أنه نيكولاس يرى أنه قد حُكم عليه شخصياً بالموت حياً "بسبب الوغد المتعصب لهتلر الذي كان أباه".
أما المخرج الإسرائيلي شانوخ زيفي فقد وجد "تشابهات مذهلة" بين مشاعر كل من أقارب ضحايا المحرقة والناجين منها وأقارب جلاديهم الذين قابلهم في البرنامج.
وأضاف: "لقد خلقت حواراً قوياً بين أولاد الناجين وأولاد مرتكبي الجرائم، كل منهم يعيش المحرقة يومياً، دون أن يملك القدرة على تخطيها للاستمرار في حياته".
لم يكن لأدولف هتلر أطفال، أما أطفال قائد دعايته جوزيف جوبلز فقد ماتوا معه في نفس القبو الذي انتحر فيه هتلر.
عائلات الرايخ
لكن العديد من قادة الرايخ كانت لهم عائلات بتشجيع من هتلر نفسه، فقد اعتبر الشباب حجر الأساس في إمبراطوريته التي كان من المفترض أن تستمر 1000 عام.
يتذكر بعض الأطفال تربيت هتلر على رؤوسهم عند زيارتهم له في منزله الجبلي ببيرشتسجادن مع أهاليهم، ويتذكر نيكولاس فرانك رؤية تعذيب السجناء في معسكرات الاعتقال بينما كان والده يضحك. كما يصف إحدى ذكرياته قائلاً: "امتطى رجال ظهر حمار وحشي، فقفز الحصان ليسقطوا من على ظهره، كان بإمكانهم التقاط أنفاسهم والتحرك مرة أخرى بصعوبة، ولم يجدوا الأمر مسلياً كما رأيته".
واستطرد في وصف المشهد قائلاً: "تكرر الأمر مرات عدة، صُفع الحمار مرة أخرى، ليسقطوا مجدداً محاولين مساعدة بعضهم بعضاً. كان وقت الأصيل الذي شهدناه رائعاً وشربنا بعدها الكاكاو. هذه هي الصور المفزعة لأبي، الصور التي أحملها على عاتقي". وأضاف: "أحلم بأكوام من الجثث في المعسكرات، لن تتخلص بلادي من هذا التاريخ، فهي قصة لم تنته بعد".
الآن، يلقي فرانك الابن محاضراتٍ عن أبيه سيء السمعة في ألمانيا الشرقية سابقاً، في محاولة لحماية الشباب من الانضمام إلى النازيين الجدد الذين يستهدفون الشباب العاطلين واليائسين. كما أضاف: "لم أستطع أن أتخلص من ذكراه طوال حياتي، وأشعر بالخزي الشديد بسبب ما فعله".
أما السيدة غورينج فقالت إن عم أبيها قام بتبني أبيها هاينز بعد وفاة والده، ليغدو أبوها طياراً مقاتلاً في سلاح الجو. وأُسقطت طائرته فوق الاتحاد السوفييتي، ولم يعد من الأسر إلا في عام 1952، ليجد شقيقيه قد انتحرا بسبب الشعور بالعار، بالإضافة إلى ضياع ثروة العائلة.
نسل الأبطال
أما هيرمان غورينج فقد حُكم عليه بالإعدام مع 11 آخرين في محاكمات نورمبرغ عام 1946، لكنه انتحر بابتلاع السم في زنزانته في الليلة التي سبقت إعدامه.
وأضافت غورينج أن أباها الذي توفي في عام 1981 لم يتحدث أبداً عن المحرقة أو عن عمه سيئ السمعة، "لكن جدتي لم تكن مراوغة بالقدر ذاته، لقد أحبته للغاية". واستطردت: "من الأمور الشاقة الأخرى التي نعانيها اعتقادهم بأنهم من نسل الأبطال، بينما نحن الآن أحفاد المجرمين والقتلة الجماعيين".
أما مونيكا هيرتفيج فلم تتقبل أي شيء عن والدها مدير معسكر بلاسوف، الذي أُعدم في عام 1946 لقتله عشرات الآلاف، منهم 500 بيديه، حيث قالت: "لقد أحب قتل النساء اللاتي يحملن أطفالهن من شرفة منزله، ليعرف إن كان بإمكان رصاصة واحدة قتل شخصين". كما استطردت: "كيف يمكنك فصل الأب عن القاتل؟ ما الذي ورثته عن هذا القاتل؟ هذه هي الأمور التي تعذبني".
شارك أيضاً في هذا البرنامج بعض أولاد قادة النازية الآخرين، مثل مارتن بورمان الابن، نجل نائب هتلر، الذي يعمل قساً في ألمانيا حالياً، بالإضافة إلى نجل رودلف هيس، وريكاردو أيخمان نجل أدولف أيخمان الذي رتب نقل 6 ملايين يهودي لمعسكرات الإبادة.
(هافينغتون بوست)