سجّل الذهب اليوم الأربعاء إنجازاً تاريخياً بوصوله إلى 4002.95 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، ليؤكد مجدداً مكانته كملاذٍ آمن للمستثمرين في زمن الاضطراب العالمي.
وقال ريتشارد فلاكس، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "مانيفارم" لإدارة الثروات، إن "المستثمرين يواصلون المزايدة على المعدن الأصفر، بعدما ارتفع بأكثر من 50% منذ بداية العام، وبنحو 12% خلال شهر سبتمبر وحده، في أداء شهري يُعد من الأقوى تاريخياً".
عوامل القفزة التاريخية
يُجمع المحللون على أن الذهب يستفيد من الاضطرابات الجيوسياسية، ولا سيما الحرب الروسية
الأوكرانية والحرب
الإسرائيلية على غزة، إلى جانب المخاوف الاقتصادية في
الولايات المتحدة، حيث يلوح شبح الإغلاق الحكومي مجدداً، وسط توقعات متزايدة بأن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة في الفترة المقبلة، ما يضعف الدولار ويدعم المعدن الثمين.
ويعزز الذهب مكاسبه أيضاً بفعل القلق حيال استقلالية الفيدرالي بعد انتقادات الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب للبنك المركزي لعدم خفض الفائدة بسرعة كافية، فضلاً عن المخاوف من تفاقم الديون الحكومية في الاقتصادات الكبرى وعودة الحمائية التجارية التي يتبنّاها
ترامب مجدداً.
من يشتري الذهب؟
كشف مجلس الذهب العالمي أن الطلب العالمي على المعدن الأصفر ارتفع بنسبة 3% في الربع الثاني من العام إلى 1249 طناً، مدفوعاً بزيادة مشتريات البنوك المركزية التي بلغت مستويات قياسية في ظل التوترات الاقتصادية والسياسية المتصاعدة.
ويُسجّل أيضاً طلب قوي عبر صناديق المؤشرات المتداولة، التي تتيح للمستثمرين شراء الذهب دون التعامل المباشر بالعقود الآجلة، ما يعكس اتجاهاً متزايداً لتحويل السيولة إلى أصول آمنة.
ويوضح فلاكس أن "المكاسب التي تحققت في النصف الأول من العام جاءت بدفع من اضطرابات الرسوم الجمركية، لكن الزخم الحالي يعود إلى تدفّقات غير مسبوقة في صناديق الذهب ومعنويات قوية في الأسواق"، مشيراً إلى أن "الأسعار المرتفعة بدأت تؤثر على الطلب على المجوهرات، الذي سجّل تراجعاً ملحوظاً".
الذهب يقود المشهد رغم المنافسة
لم يكن الذهب وحده المستفيد من موجة السيولة الضخمة في الأسواق، إذ سجّلت العملات المشفّرة والأسهم العالمية مستويات قياسية جديدة. فقد تجاوزت عملة البتكوين حاجز 126 ألف دولار لأول مرة، فيما ارتفعت مؤشرات وول ستريت ولندن وطوكيو إلى قمم تاريخية.
ويقول كريس بوشام، كبير خبراء السوق في منصة التداول "آي جي"، إن "الارتفاع المتزامن في الذهب والبتكوين والأسهم يعكس استمرار شهية المستثمرين للمخاطرة، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى بحث عالمي محموم عن التنويع وسط بيئة مالية يغمرها فائض السيولة".